لا يزال القرار الذي أعلنه رئيس هيئة الترفيه السعودية، المستشار تركي آل الشيخ، بشأن التوجه الجديد لموسم الرياض، يثير موجة من الجدل في الساحة الفنية والإعلامية المصرية. فقد كشف آل الشيخ عبر منصة "إكس" عن أن الموسم المقبل سيعتمد بشكل شبه كامل على العازفين والموسيقيين السعوديين والخليجيين، مع توجه مماثل نحو المسرحيات المحلية، إلى جانب مشاركة محدودة لمسرحيات سورية وعالمية.
ورغم أن القرار يمثّل – بحسب وصفه – مرحلة طبيعية في دعم المواهب الوطنية، إلا أن الردود المصرية التي تلت الإعلان طغت على المشهد، وانقسمت ما بين اتهامات بالإقصاء، وتفهم للسياسة الجديدة.
أنس الفقي يعلّق: لا أرى القرار موجهاً ضد الفن المصري
وزير الإعلام المصري الأسبق، أنس الفقي، كان من أوائل من علقوا على القرار، إذ كتب منشوراً عبر صفحته الرسمية على فيسبوك قال فيه:
"استوقفني تصريح المستشار تركي آل الشيخ بأن موسم الرياض سوف يعتمد في دوراته القادمة على العازفين الخليجيين والسعوديين... البعض يراه استبعادًا للفن المصري، لكني لم أره كذلك، بل كنت أراه احتفاء وتقديراً لنجوم مصر".
وأضاف أن الجمهور السعودي طالما أبدى تقديراً كبيراً للفن المصري، وأن خطوة مثل هذه لا تعني بالضرورة تراجعًا في العلاقة أو تهميشًا.
عمرو أديب يرد مباشرة على الفقي: "الصبر نفد"
رد عمرو أديب لم يتأخر، وجاء شديد اللهجة ومباشرًا، إذ خصّ منشور أنس الفقي برد تفصيلي، قال فيه:
"تابعت بوست الأستاذ أنس الفقي ومحاولته تفسير قرار معالي المستشار تركي آل الشيخ، وأقول له إنك لم تصب الحقيقة في أي من تفسيراتك، أو أنك تعلمها وتخشى الإفصاح. على مدى السنوات، تعرض المشروع الفني السعودي لهجوم قذر من جهات معلومة، وتم التشكيك في كل فنان مصري شارك وكأنه يعمل في تل أبيب".
وأضاف أديب أن الهجوم طال هيئة الترفيه وفنانيها، رغم أن موسم الرياض كان مصدر رزق لآلاف العاملين، متهماً جهة مصرية – وصفها بأنها "معروفة بالاسم" – بالوقوف وراء هذه الحملة. وأكد أن قرار تركي آل الشيخ جاء بعد أن "فاض الكيل"، خصوصاً مع تصاعد الانتقادات التي طالت المملكة وقيادتها.
محمد هنيدي: "احترام القرار واجب من دولة احترمت فننا"
من جهته، حرص الفنان محمد هنيدي على التفاعل مع الجدل بطريقة هادئة، ونشر بيانًا عبر منصة "إكس" قال فيه:
"من خمس سنين كنا أول مسرحية مصرية تُعرض في موسم الرياض. بعدها اتعملت عشرات المسرحيات وآلاف الحفلات، وكان فيه تقدير حقيقي للفن المصري... دلوقتي المملكة أعلنت إنها هتعتمد على نجومها، وده قرار نحترمه من دولة احترمتنا وقدرت فننا طول السنين".
هنيدي، الذي حصل مؤخراً على الجنسية السعودية، شدد على أن "الود سيبقى موصولًا"، معربًا عن امتنانه للتجربة التي جمعت الفنانين المصريين بالسعودية خلال المواسم الماضية.
تفاعل متباين في الشارع المصري
أما على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد انقسمت الآراء المصرية بين من شعروا بأن القرار يمثّل تهميشًا للفن المصري بعد سنوات من الحضور القوي في المواسم السعودية، وبين من رأوا فيه خطوة طبيعية ومنطقية لتكريس هوية ثقافية سعودية، خصوصاً مع تنامي حضور المواهب المحلية والخليجية.
كما أبدى البعض شماتته من فنانين مصريين اتجهوا إلى موسم الرياض بدلاً من تقديم أعمالهم داخل مصر، معتبرين أن القرار كشف هشاشة علاقتهم بالساحة الفنية المحلية.
خلاصة المشهد: قرار سيادي فني أم أزمة ممتدة؟
بين التقدير والتوجس، والانفعال والهدوء، تتكشف أبعاد متعددة لقرار يبدو في جوهره فنيًا وتنظيميًا، لكنه تحوّل إلى نقطة احتكاك ثقافي بين بلدين لطالما جمعتهما علاقات فنية قوية. ورغم أن القرار لم يُعلن كإقصاء مباشر للفن المصري، إلا أن الارتدادات التي أحدثها تكشف عن حالة توتر صامتة، قد تحتاج إلى تهدئة وتوضيح من الجانبين، حتى لا يتحول التعاون الفني العربي إلى ساحة صراع افتراضية.