TRENDING
بين أصالة وتامر حسني.. من أمن العقاب أساء الأدب

في بيروت، التي استقبلته بحفاوة، استهتر الفنان المصري تامر حسني بالجمهور اللبناني كما لم يفعل فنان من قبل. البعض تغاضى والبعض اعترض، لكن في المحصلة، ما حصل أن سكتت عليه الصحافة، وأصبح عرفًا يسير عليه فنانون على قاعدة أن من أمن العقاب أساء الأدب.

حضر إلى بيروت في نفس اليوم المقرر لحفله، دُعيت الصحافة لاستقبالات حاشدة في المطار وفي الفندق، وقطعت قناة الجديد، التي وقّعت عقدًا حصريًا مع الجهة المنتجة للحفل، بثها لتنقل وقائع وصول تامر إلى لبنان كما تنقل وصول الموفدين الدوليين على أعتاب حربٍ مفترضة يتمنى اللبنانيون ألا تقع.

كان المشهد سرياليًا، تامر يدلي بدلوه والمذيعة تسأل على شكل خبر عاجل، لم يكن ثمّة عاجل في المشهد سوى أنّ الفنان أراد الوصول إلى فندقه ولقاء القسم الآخر من الصحافة التي كانت تنتظره هناك، والتي لم تحظ سوى بلقطات لجمهور تامر يستقبله بالزفة أمام الفندق.

لماذا دُعيت الصحافة رغم أنّ الفنان مرتبط بعقد حصري مع قناة الجديد؟ مسألة لا يُسأل عنها الفنان بطبيعة الحال.

اعتقد الصحافيون أنّ تامر سيعوّضهم عن انتظارهم في الحفل، لكن التعليمات كانت واضحة: لا مقابلات ولا تصريحات، فقط حفل يلتقط فيه الصحافيون مقاطع وينشرونها في وسائل الإعلام تحت عنوان "تامر يشعل ليل بيروت"، "تامر يلهب قلب العاصمة" الملتهب أصلًا على وقع طبول الحرب والحر.

حضر الصحافيون إلى الحفل في وقته المحدد، غير أن تامر تأخر ثلاث ساعات ونصف، وعندما ظهر على المسرح، لم يجد أنّ ثمّة حاجة تدفعه للاعتذار من جمهوره الذي كان يتململ في مقاعده. بعضه تورّط واشترى البطاقة ووجد أنّ الانتظار أقلّ تكلفة من ضياع ثمنها، وبعضهم يحبّه ولا يملّ من الترقّب، وبعضهم حضر لدوافع مهنيّة، وثمّة مؤسسات إعلاميّة تضع التغطية والمشاهدات على حساب كرامة مراسليها، غنّى وكأنّ تأخيرًا لم يكن، ومدّد وقت حفلته لتعويض جمهوره.

تردّدت شائعات أنّ ثمّة مشاكل حصلت قبل الحفل وأنّ الفنان لم يكن ليعتلي المسرح قبل حلّها، لكن شيئًا من هذا لم يتم نفيه أو تأكيده. كان بإمكان كل هذا أن ينتهي في ساعته، وأن يجد الجمهور لتامر أعذارًا لو اعتذر. لكنّه لم يفعل، ترك للإعلامي تمام بليق، الذي قدّم الحفل، مهمّة الاعتذار دون أن يدلي بأسباب التأخير، ثم اعتبر بعدها تامر أنّه "عدّاه العيب".

الجهة المنتجة نفسها، متمثّلة بالمنتج حسين كسيرة، تنظّم يوم السبت المقبل حفلًا للفنانة أصالة في المكان نفسه الذي أحيا فيه تامر حفله، بالظروف نفسها، العقود نفسها، احتكار قناة الجديد، لكن للنجمة السورية كلام آخر.

قبل وصولها إلى بيروت يوم الجمعة المقبل، كان الصحافيون قد تلقّوا دعوة لحضور مؤتمر صحفي سوف تعقده في أحد فنادق العاصمة، ثم عاد فريق عمل النجمة ليرسل الدعوات بشكل شخصي يعكس حجم الاحترام الذي تكنّه للصحافة.

هي تعلم أنّ الصحافيين سيسألونها في السياسة وسيحرجونها بتصريحات خلافات مفترضة مع زميلات لها، وسيقوم بعضهم بسؤالها أسئلة أشبه بالفخ على عادة بعض الذين يجدون في الأفخاخ صيدًا ثمينًا، ورغم كل هذه الطرقات المتعرّجة، اختارت أن تقابل الجميع.

لدى أصالة كلّ الأسباب لتختبئ من الصحافة، وليس لدى تامر أي سبب. نتفهّم عدم رغبته في إجراء مؤتمر صحفي، ربّما ليس لديه ما يقوله، رغم أنّ لديه فيلمًا جديدًا وألبومًا جديدًا، لكن لا نتفهّم بأي حال استهتاره بالردّ على مقالات تحدّثت بإسهاب عن تعاطيه البائس مع جمهوره اللبناني، ثم أدار ظهره بعدها وكأن شيئًا لم يكن.

بانتظار أصالة بعد غياب سنوات عن بيروت، وبانتظار اعتذار وتبرير من تامر، مع يقيننا أنّه لن يفعل.