TRENDING
مشاهير العالم

جورجيو أرماني: أيقونة الأناقة يودّع العالم قبل أن يحتفل بمرور نصف قرن على إمبراطوريته

جورجيو أرماني: أيقونة الأناقة يودّع العالم قبل أن يحتفل بمرور نصف قرن على إمبراطوريته

في عالمٍ يمضي مسرعًا نحو الصخب، كان جورجيو أرماني الاستثناء الوحيد الذي اختار أن يهمس، لا أن يصرخ. أن يصمم بخيط رفيع من الذوق، لا من التكلّف. أن يترك أثره في القماش كما يتركه الشعر في الذاكرة.

واليوم، رحل هذا الرجل الاستثنائي، قبل أشهر قليلة من موعد رمزي كبير: الذكرى الخمسون لتأسيس دار "جورجيو أرماني". غاب قبل أن يرى نصف قرنٍ من المجد يكتمل، لكنه غرس في كل سنة من هذه السنوات أثرًا لا يُمحى.


الطفل الذي أحب الظلال أكثر من الألوان

وُلد جورجيو أرماني في 11 يوليو 1934 في مدينة بياتشنزا الإيطالية، وسط عائلة متواضعة. لم يكن الفن وجهته الأولى؛ فقد التحق بكلية الطب، ليقضي عامين في دراسة التشريح. لكن شيءًا ما كان يشدّه نحو الضوء... أو بالأحرى، نحو الظلال، حيث الهدوء، والتوازن، والتصميم.

ترك دراسة الطب، وبدأ يعمل كمصمم نوافذ عرض، ثم مساعدًا لمصممي أزياء. لم تكن انطلاقته سريعة، لكنها كانت واثقة. في عام 1975، أسس مع صديقه سيرجيو غاليوني دار "Giorgio Armani"، ومنذ ذلك اليوم، تغيّر وجه الموضة إلى الأبد


أرماني: الرجل الذي جعل من الرمادي لونًا ثوريًا

لم يكن أرماني مولعًا بالألوان الصارخة. في عالمٍ يُقاس فيه النجاح بجرأة الألوان وقسوة القصّات، جاء هو ليقدّم نقيضًا جميلًا. أحب الرمادي، البيج، الأزرق البحري، والأسود. أعاد تصميم البذلة الرجالية لتصبح خفيفة، مرنة، تعبّر عن القوّة بلا استعراض.

كان يؤمن أن الجاذبية لا تحتاج إلى صراخ، بل إلى ذوق. لذلك قال ذات مرة:

لأناقة الحقيقية لا تُرى، بل تُشعر."

تصاميمه لم تكن مجرد ملابس، بل مواقف. امرأة ترتدي أرماني لا تبحث عن إعجاب، بل عن انعكاس لثقتها. رجل يرتدي بذلته لا يفرض حضوره، بل يتركه يُلاحظ بهدوء.


صديق هوليوود، وسيّد البساطة المتقنة

في الثمانينات، غزت تصاميم أرماني شاشات السينما. ارتداها ريتشارد غير في American Gigolo، ثم أصبحت الخيار الأول للنجوم على السجادة الحمراء. لم يكن يلاحق الشهرة، بل كانت تأتي إليه. من جوليا روبرتس إلى ليوناردو دي كابريو، من ميشيل أوباما إلى الأمير ويليام – كان أرماني دائمًا حارس الأناقة النبيل.

خمسون عامًا من الصمت الأنيق... ثم الرحيل

كانت دار جورجيو أرماني تستعد لاحتفال أسطوري في 2025، بمناسبة مرور 50 عامًا على تأسيسها. مشاريع، عروض، معارض أرشيفية، وربما تكريم رسمي في بلده الأم. لكن الموت، كعادته، لا ينتظر التوقيت المثالي.

رحل جورجيو أرماني كما عاش: بهدوء. لم يكن بحاجة إلى بيان وداع طويل. حضوره باقٍ في بذلة ناعمة، في فستان سهرة لا يحمل توقيعه فقط، بل يحمل فكره. في عطريحمل اسمه، وفي فندق بتوقيعه، وفي كل لحظة ألبس فيها العالم أناقة من نوع آخر.