TRENDING
نقولا دانيال في


يدخل الدور نحتًا وعرقًا وصوتًا وجسدًا. مشيته تصبح تعبيرًا، وحركات يده تتحوّل إلى لغة. يمثل كأنه لا يمثل. نقولا دانيال القدير في مسلسل "سلمى"، كما في كل عمل قدّمه، يترك أثره ولا يرحل.


الأبوة بصيغة العم نديم

العم نديم شخصية تحمل الأبوة بمعناها الصافي، الداعم، الرقيق، المتفهّم والجبار. هذا الأب بروحه ومواقفه لم يلد سلمى، لكنه والدها، وفي المواقف الجلل يصبح أبًا قاضيًا وحاكمًا ينقّي مواقفه ويصلح ما أفسده الدهر في أبنائه.

عدل بلا قسوة

يقف لميرنا في المرصاد وهي ابنته، ولا يُطعن في مواقفه وعدله. لا يعصف كأب شرس، بل يحافظ على تلك الروح المتسامية، ويغضب حيث يجب، ويؤنّب بأسلوب المحب الحاضن.

درع الحماية وسط العواصف

العم نديم الشخصية الندية في مسلسل "سلمى" وسط كثير من الشخصيات الجارحة والمريضة والمقيتة. هو الدرع الحامي لكيان سلمى الضعيف، وهو كاشف الحقيقة عن لثام ابنته ميرنا المتلبسة بالشر وأفعال الشياطين. هو المرح الذي يعضّ على جراحه ويبتسم من أجل بلسمة الآلام.

يدرك كل ما حوله، ويحمل في صدره وجع ابنة ليست ابنته، ويحضنها كأب، ويتفهم ضعف زوجته وارتهانها لأكاذيب ميرنا الغدارة. يعي كل شيء ويحافظ على تلك النبرة الإنسانية والرقيقة، ليصبح الشخصية العطرة التي نتمسّك بها كمشاهدين، وتتمسك به الأحداث الأليمة ليصبح دواءها ورجاءها ويصوّب مسارها.


هالة إنسانية تلهم المشاهد

نقولا دانيال يزن شخصيته بميزان الروح، ويلفها بتلك الهالة اللطيفة والحب الكبير. عندما يظهر ضعفه وسط جماعة القسوة والظلم يبدو رقيقًا وحنونًا. يصبح الشخصية الملهمة والمثال المحبوب في البيوت التي تحتاج حبًا وحضنًا وسندًا.

إنه الأب الذي نبحث عنه جميعًا في الحكايات كما في البيوت. قدرته على التعبير تتخطى مستوى الأداء، لينغمس في عمق الإنسان، في خوفه وضعفه، في عدله ورحمته. يبتكر نقولا دانيال في شخصية العم نديم أبًا لا يشبه النماذج المستهلكة، بل يقدّم صيغة جديدة للأب العادل المحبوب، ذاك الذي يشتهيه كل فرد في العائلة ويحتاجه المجتمع الممزق إلى قدوته.

جاذبية تتخطى الشاشة

ملامحه تحمل الطمأنينة، وصوته يفيض دفئًا، ونبرته لا تنحاز إلا للحق. حين يغضب نراه كمن يعاقب بحب، وحين يلين نلمح في عينيه صلابة لا تُكسر. هذا التوازن هو سرّ الخلق الفني: أن يمنح الشخصية وجهين متقابلين، القوة والرقّة، بلا تناقض بل بتناغم يجعل المشاهد يذوب في حضورها.


يعطي الشخصية أعماقًا أبعد من النص

إنه الممثل الذي لا يكتفي بأن يقدّم شخصية، بل يضيف إليها بُعدًا إنسانيًا يجعلنا نعيد التفكير بمعنى الأبوة ومعنى العائلة. دور نقولا دانيال في "سلمى" أبعد من شخصية تُجسّد، بل مرآة لرغبتنا في أبٍ يُحب ويُحكم ويحتضن في آن واحد. أب مرح وعطوف نريد احتضانه وشم ملابسه.

نقولا دانيال هو الممثل الذي يمنح الشخصية أكثر مما كُتب لها، يصوغها بروحه ووجدانه. العم نديم لن يظل مجرد دور في مسلسل، بل صورة للأب الذي نفتقده ونحلم به، مثال العدل المحبوب والعطاء اللامحدود. هذا الدور سيخلّد له.