"نوال الزغبي في 'الحب وتفاصيله'.. رحلة وجدانية بين الكلمات واللحن
ترفع نوال الزغبي راية الحب المشتهى. صوت يأتي من عزف الأوتار الحنونة، يسلك معابر الأمنيات ويغني لقلب لا ينسى، لرجل لا يقسى، لسند يمسح الدمعة.
قمة الإحساس
أغنية "حب وتفاصيله" ثامنة وآخر أغنية في ألبوم "يا مشاعر"، جاءت كمسك الختام، ترنم الحب البسيط والأصيل.
تقف نوال الزغبي كعادتها على قمة إحساسها، تفتح للسامع بابًا إلى عوالم الحب بكل تفاصيله، وتحوّل العاطفة إلى لغة موسيقية تنبض بين الكلمات. صوتها هنا لا يُشبه إلا ذاته: دافئ، عميق، ينساب كجدول يعرف طريقه نحو الروح.
بسيطة لكن مختمرة
هذه الأغنية، على بساطتها، مستعصية؛ فيها الحب مطلب بتفاصيل اعتيادية متقشفة لكنها مختمرة بخبرة المخذولين.
"ما بدّي قلب مكسّر
ميّت إحساسو مخدّر
بدّي قلب بيشبهني
يعشقني وحبّو أكتر
صفحة بيضا من جوّا
يملى هالنقص اللي فيّي
بوجودو حدّي إقوى
يقدّملي عمرو هديّة"
الأغنية الدافئة بلحن شفاف خافت وكلمات أشبه بحوار داخلي بين القلب وظلاله. ونوال تقدّم صوتها كمناجاة عند حافة العوز، لكن بشكيمة عالية وكرامة أكبر. تبوح بمطالب الحب بصوت عذب، وتُلقي مبتغاها كما تُلقى الأمنية على نجمة في ليل بعيد، كأنها تترنم بطلب خفي، دعاء يختلط بالحنين، واعتراف لا يُقال إلا على إيقاع موسيقى حالمة.
التفاصيل تصنع من نوال فنانة الحب
صوت نوال معانقًا اللحن والكلمات يأتي في هذه الأغنية كأنه يربت على الروح، ويغمر المستمع بشعور الأمان والأمل، حتى وإن كان قلبه مجروحًا أو مخدّرًا من تجارب الماضي.
ما يميّز نوال في هذه المرحلة أنها لم تعد بحاجة إلى البرهان، فهي أيقونة تملك تاريخها وصوتها وخبرتها، لكنها رغم ذلك تعيد اكتشاف نفسها مع كل أغنية. في "الحب وتفاصيله"، يُصغي السامع إلى امرأة تعرف أن التفاصيل الصغيرة هي التي تصنع الحب الكبير، وتدرك أن النغمة الصادقة قد تُغني عن مئات الكلمات.
نوال تعيد صياغة الحب
الوقوف على القمة لا يعني الثبات، بل القدرة على تجديد المعنى في كل مرة. وهذا ما تفعله نوال: تمنح الحب نغماً آخر، تمنحه شكلًا موسيقيًا لا يشبه أحدًا، وتعيد صياغته كأنها تُغني من عمق التجربة، من قلب عاش وعرف وتمرّد.
الأغنية في جوهرها ليست فقط عن الحب، بل عن الحضور: حضور نوال كصوت متفرّد، كصورة من الرهافة والقوة معًا، وكأيقونة عربية تعرف كيف تجعل من كل كلمة قصيدة، ومن كل لحن رحلة وجدانية.