كارول سماحة تُعيد زياد الرحباني إلى المسرح بصوتٍ من حنين ونور.
أول غيث الرحيل أغنية لكارول سماحة "ما بتنترك وحدك"من كلمات وتلحين وتوزيع زياد الرحباني. الغياب الذي يُبقي صاحبه حاضراً.
بعد اكثر من شهرين على رحيل زياد الرحباني تفاجأ كارول سماحة الجمهور بأغنية هادئة الكلمات تنضح فيها بالعتاب والغربة لحب يرحل ويترك الباب مفتوحاً خلفه وسماعة الهاتف مرفوعة بعد عمر من عهد ووعود.
صوت كارول سماحة يأتي كترداد صدى للحب والعزف والحنين للعبقري الذي غاب وبقي أرثه ينضح بحضور لا يخبو.
على وقع موسيقى الرقة والنشيج صدح صوت كارول داخل صالة مسرحية فارغة الا من الموسيقى. الزوايا داكنة والفراغ يملأ المكان لكن الموسيقى فيها حياة وصوت كارول يملأ الصالة بالحنية والعتاب وكلام يعيدنا شوقاً على صاحب الكلمات الذي قال :" ما بتنترك وحدك يوم بتروح
وين العطف وين العشق والروح
ما بتنترك وحدك يوم بتروح
اسمي معك مش شي مسموح
بتعرف تحكي وقادر تبكي
بتفل ناسي الباب مفتوح".
صوت كارول يأتي حنونا رقيقا، فهي التي اختبرت الغياب بأعمق جروحه وتغني لفنان غيابه يترك فراغاً وجاءت تغني عن الغياب. فرسمت بصوتها كل مسافات البعد وجسدتها بأفضل إحساس.
زياد الرحباني الذي كتب بصوته العميق وألحانه المجبولة بالحب، رحل تاركًا خلفه موسيقى تشبه الذاكرة، لا تموت بل تتحول إلى هواء نتنفسه كلما اشتقنا للصدق في الفن.
تأتي أغنية "ما بتنترك وحدك" كرسالة من الغياب إلى الحضور، من الفنان الذي سكن الصمت إلى الصوت الذي أعاده إلى الضوء.
كارول سماحة بصوتها الحالم، المبلّل بالرهافة والحنين، تغني كأنها تُمسك بيد الغائب وتُعيده إلى المسرح، كأنها تُنصت لأنفاسه في الجمل الموسيقية التي كتبها ذات حبٍّ بعيد.
"ما بتنترك وحدك" أغنية تأتي على شكل أرث، تحيي زمن من الودّ والصدق، تفتح باب الذاكرة على رحبها وتقول إن الفن لا يُدفن، وإن الذين أحببناهم بصوتهم باقون ما دمنا نُصغي.
في كل نغمة، يتقاطع زياد الذي لحّن الغياب مع كارول التي تُغنيه حضورًا.
هكذا يُثبت الفن من جديد أنه لا يُدفن، بل يبقى ما دام هناك صوتٌ يُغنّي، وذاكرةٌ تُحب، وسماءٌ تحتفظ بصدى الراحلين.