في خطوة رسمية تهدف إلى توثيق وحفظ الإرث الفني والثقافي لأحد أبرز رموز الموسيقى والمسرح في العالم العربي، أصدرت الجمهورية اللبنانية طابعًا بريديًا تخليدًا للمسيرة الفنية للموسيقار الراحل زياد الرحباني الذي غادر عالمنا في يوليو 2025. ويأتي هذا التكريم الرسمي تزامناً مع استمرار الاهتمام الشعبي والإعلامي بمسيرة الرحباني التي امتدت لسنوات طويلة. وقد وقع وزير الاتصالات شارل الحاج القرار الرسمي بطرح الطابع في التداول اعتبارًا من يوم الأربعاء 10 ديسمبر 2025، ليصبح هذا الإصدار حدثًا ثقافيًا لافتًا.

أربع صور أيقونية تروي حياة الموسيقار الشامل
يتميز الطابع البريدي الجديد بتنوعه البصري، حيث يجمع أربع لقطات تجسّد محطات جوهرية ومراحل زمنية مختلفة من حياة الرحباني الفنية، ما يعكس قدراته المتعددة كفنان شامل: موسيقي وكاتب وملحن وموزع. تشمل اللقطات المصورة داخل الطابع: الأولى وهي صورة لزياد داخل الاستوديو أمام لوحة المفاتيح، تعكس دقته في الهندسة الصوتية. الثانية لقطة ملونة في مرحلة النضج الفني وهو جالس أمام البيانو، وهي فترة تميزت بحضوره السياسي والفني الأوضح. الثالثة صورة مقربة من سنوات شبابه بنظرة جانبية هادئة، تعبر عن بدايات شغفه بالمسرح والموسيقى. والرابعة لقطة بالأبيض والأسود أثناء تسجيل إحدى المقطوعات، وهو يرتدي السماعات وسط آلاته الموسيقية، مستعيداً أجواء سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
إرث زياد الرحباني: من "بالنسبة لبكرا شو؟" إلى "كيفك إنت"
يأتي إصدار الطابع بعد رحيل زياد الرحباني عن عمر 69 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا يُعد من الأغنى في تاريخ الفن العربي. ولد زياد عام 1956 في عائلة رحبانية عريقة، لكنه سرعان ما رسم مسارًا فنيًا مستقلاً جعله أحد أبرز وجوه اليسار الثقافي وصوتًا نقديًا لافتًا. وقدّم الرحباني مجموعة من الأعمال المسرحية التي شكلت علامات فارقة، أبرزها: "بالنسبة لبكرا شو؟" (1978)، و"فيلم أميركي طويل" (1980)، و"بخصوص الكرامة والشعب العنيد" (1993)، بالإضافة إلى "نزل السرور"، و"شي فاشل"، و"لولا فسحة الأمل". وابتكر زياد أسلوبًا موسيقيًا خاصًا يمزج ببراعة بين الجاز والموسيقى الشرقية، أنتج ألحانًا خالدة مثل "عودك رنان" و"كيفك إنت" و"إيه في أمل" التي قدمها مع فيروز، كما ترك بصمته الصوتية بأغنيات مؤثرة منها "أنا مش كافر" و"عايشة وحدا بلاك".