في ذكرى مرور 19 عامًا على رحيل الفنانة المصرية ماجدة الخطيب، تعود إلى الواجهة واحدة من أكثر الشهادات الإنسانية قسوة وصدقًا في تاريخ الوسط الفني، مذكرات كشفت فيها عن بدايات موجعة دفعتها ثمنًا لاختيارها طريق التمثيل.
بكلمات مباشرة ومجردة من أي تجميل، روت ماجدة الخطيب كيف بدأت رحلتها وهي في السادسة عشرة من عمرها، بعد أن طردها أهلها من المنزل بسبب إصرارها على العمل في الفن، لتجد نفسها وحيدة في شوارع القاهرة عام 1959، بلا مأوى ولا سند.

حقيبة بنية وبداية بلا رحمة
تستعيد الفنانة الراحلة لحظة خروجها من البيت، وهي لا تحمل سوى حقيبة ملابس بنية اللون، بداخلها بعض الثياب، وقليل من الحلي، وساعة يد. لم تكن تلك الحقيبة مجرد متاع بسيط، بل كانت كل ما تملك في مواجهة مدينة قاسية وحلم أكبر من عمرها. تعترف ماجدة الخطيب بأنها لم تفكر آنذاك في الإقامة في لوكاندة، وهو ما وصفته لاحقًا بالغرابة، لتصبح قهوة الفيشاوي ملاذها الأول، خاصة مع حلول شهر رمضان، حيث كانت تحاول النوم وسط الزحام دون جدوى.

حين نفدت النقود وباع الحلم نفسه
بعد أيام قليلة، نفدت الأموال، ووجدت نفسها مضطرة لبيع ما تحمله من ذهب قطعة بعد أخرى، فقط لتأمين الطعام ومحاولة إيجاد مكان للنوم. كانت مشكلة النوم، بحسب وصفها، هي الأصعب: فتاة ضعيفة، بلا مأوى، مرفوضة اجتماعيًا، لكنها مصممة على الاستمرار مهما كان الثمن.

الترام والسينما… بيوت مؤقتة
أمام انسداد الأفق، تحوّل الترام إلى حل قاسٍ لكنه ضروري. كانت تركبه ست مرات متتالية حتى تصل إلى مصر الجديدة، فقط لتغفو قليلًا وهي جالسة. أما السينما، فأصبحت بيتها الثاني؛ تشتري تذكرة صالة، تختار مقعدًا بعيدًا، وتنام في الظلام، هاربة من واقع أقسى من الشاشة.

ذكرى لا تُنسى وسيرة لا تُزوَّر
هذه المذكرات لا تكشف فقط عن معاناة فنانة في بداياتها، بل تفضح الوجه الخفي لعالم الفن، حيث لا تبدأ الحكايات دائمًا من الأضواء، بل من الشارع، والجوع، والوحدة. في ذكرى رحيل ماجدة الخطيب، لا يُستعاد اسمها فقط، بل تُستعاد رحلة إنسانية صلبة، دفعت فيها ثمن الحلم من عمرها وكرامتها، قبل أن تدفعه من صحتها وحياتها.