TRENDING
قبل انطلاق موسمه الثاني.. كل ما تودّون معرفته عن

من يشاهد مسلسل "البحث عن علا" الذي تستعد منصة "نتفليكس" لعرض موسمه الثاني قريباً، ليبحث عن علا عبد الصبور العالقة في ذاكرته رغم مرور سنوات على عرض المسلسل الكوميدي "عايزة اتجوز"، سيصاب حتماً بخيبة أمل. علا (هند صبري)، لم تعد تلك الفتاة البسيطة التي تبحث عن عريس، بل أخذتها الحياة وانعطافاتها إلى عالمٍ جديدٍ، وفصل جديد في حياة المرأة  التي حقّقت حلمها وتزوّجت وأسّست عائلة، ثم تداعت كل أحلامها.

الطلاق الناتج عن الملل الزوجي

المسلسل الذي يتألف موسمه الأوّل الذي عرض قبل سنتين من ست حلقات، كتبته غادة عبدالعال، وهي واحدة من كتاب وكاتبات "عايزة اتجوز"، أخذت علا إلى مرحلة جديدة وقفت فيها أمام حقيقة أنّ الحلم الذي تخلّت لتحقيقه عن حياتها العملية والاجتماعيّة انهار، وأنّها تقف مع انهيار حلمها أمام خيارين، إمّا تنهار معه وإمّا تعطي نفسها فرصةً ثانية.

يعالج المسلسل مسألة الطلاق الناتج عن الملل من الحياة الزوجيّة، سببٌ قد يراه البعض سطحياً لا يستحق حتى النقاش، رغم أنّ معظم الزيجات التي انتهت ولم يعرف أحد طرفاها سبب هروب الطرف الآخر، كان الملل فيها يقف حاجزاً بين الشريكين، وكان أحدهما يمرّر المرحلة على اعتبار أنّها مجرد مرحلة، بينما رفض الآخر الاستسلام ورحل باحثاً عن فرصة أخرى.

في الحلقة الأولى، لا تكاد علا تعرّف محبّيها الذين تابعوا معها رحلة البحث عن عريس، والمشاهدين الجدد الذين لا يعرفون عن علا عبد الصبور أكثر من إعلان نتفليكس عن مسلسلها الجديد، على حياتها الجديدة، وزواجها من رجل ثري، وإنجابها بنت وصبي، حتى يواجهها زوجها برغبته بالطلاق لأنه ملّ حياته معها.



الوجه المظلم للزواج

تركت علا مهنتها في الصيدلية، وانفصلت عن أعزّ صديقاتها لأنّ زوجها لم يرغب في استمرار هذه الصداقة، انطفىء فيها البريق الذي أحبّه الزّوج، وباتت مجرّد ربّة أسرة تعيش دوراً تقليدياً لا يليق بها، ركنت طموحها جانباً، ولم تذكر من مهنتها كصيدلانية سوى تركيبة بعض الكريمات المخصصة للعناية بالوجه تسلّي بها نفسها في أوقات الفراغ، وتهدي أفراد أسرتها منتجاتها الطبيعية، التي أنقذتها في مرحلة لاحقة، ووضعتها أمام حقيقة أنّ المرأة التي تملك عملاً ومصدر دخل، تكون أكثر حرية في تقرير مصيرها، من امرأة لا معيل لها سوى زوجٍ لم يعد يريدها.

ويسلط المسلسل الضوء على نموذج الرجل، الذي يقع في حب امرأة شغوفة بالحياة، ناجحة في مهنتها، يغرم بشغفها ونجاحها، وبعد الزواج يحوّل الزوجة إلى كائن لا يشبه المرأة التي أغرم بها، وبعد سنوات، يكتشف أنّه يبحث عن المرأة التي أحب، والتي أطفىء بريقها، لا يسعه العثور على الأولى ولا التأقلم مع الثانية.

ويكشف المسلسل حقيقة أنّ بعض النساء، يعتبرن الزواج نهاية المطاف، ويحاولن النهوض بالأسرة على حساب نجاحهن وطموحهن، دون أن يضعن احتمال خلق التوزان بين الأحلام والطموحات ومتطلبات الأسرة، وبعد الطلاق يجدن أنفسهن على قارعة الخيبة، يستجدين وظيفة كانت ملك يديهن، وتخلّيهن عنها ظناً أنّ المرأة إن لم تحرق طموحها، لا يدخل الدفء إلى الأسرة.

كما يدخل المسلسل إلى عمق نفسية الرجل، الذين يملّ زوجته، ثم بعد الطلاق وعندما تستعيد الزوجة حريتها وتصبح خارجة عن سيطرته، يريد استعادتها وتطويعها، نموذج لعلاقة غير سويّة لا تؤسّس سوى للخراب.

الانطلاق بعد الطلاق

علا عبد الصبور، التي ركنت شغفها جانباً، لم تجد صعوبة في استعادته، فتحت مشروعها الخاص، وجدت رجل أعمال كبير يوجّهها (خالد نبوي)، وصديقة تخلّت عن صداقتها عندما تزوّجت وبعد الطلاق استعادتها بسرعة كما لا تحصل عليه الأمور في الحياة الواقعية (ندى موسى) فموّلت مشروعها، ثم صوّرت والدتها (سوسن بدر) وجعلتها وجهاً إعلانياً لماركتها التي حملت اسم "فرصة ثانية"، وانتشرت الصور على نطاق واسع لتحقق الماركة انتشاراً كبيراً، ضاربة بعرض الحائط كل دروس الحملات التسويقيّة.

الأمور في الحقيقة لا تبدو بهذه البساطة، كل ما فعله الزوج أنّه أدار ظهره ومشى، وترك لها منزلاً أشبه بفيلا، ولم يساومها على حضانة ولديهما، بل أرسل مصروفهما، وعرض عليها مصروفاً رفضته.

لم يسلّط المسلسل الضوء على حجم المآسي التي تدور في أروقة محاكم الأسرة، حيث تذرف الأمهات الدموع ليحظين بساعة يشاهدهن فيها أطفالهن مرّة في الأسبوع، ولم يلقِ الضوء على النساء اللواتي يفقد مكان سكنهن بعد الطلاق، ويصبحن بلا مأوى. أراد تقديم نموذج لامرأة كانت كل الطرق مفتوحة أمامها، كان بإمكانها إيصادها والجلوس في الزاوية تبكي خيبة أملها، إلا أنّها استغلت الفرص ونجحت، لكنّ الفرص لا تأتي دائماً وإن أتت لا تكون بهذه البساطة.

قصة مبهجة

أراد صنّاع العمل أن يقدّموا للجمهور المرهق قصّة مبهجة، بعيداً عن ذرف الدموع، واستعادة مأساة الأمهات الباحثات عن حضانة أولادهن، اليائسات من تغيير القوانين، فثمة مسلسلات وبرامج اجتماعية تقوم بدورها، وثمة مشاهد تعب وملّ الدموع، وقليل من البهجة والألوان والكوميديا السوداء وبعض المواقف العاطفية في "البحث عن علا" لا يشكو من شيء.

يسير العمل بإيقاع سردي متوازن، تربّي علا ولديها بعيداً عن والدهما، تسير حياتهما بطريقة منظّمة كما يفترض لحياة الأولاد أن تكون، بينما ثمّة طفلة، صديقة لابنة علا، فقدت أمها، وعجز والدها الطبيب عن لعب دور الأم والأب، تلجأ إلى منزل علا لتحظى بجوّ أسرة طبيعي. يسلّط المسلسل الضوء على دور الأم كركن أساسي في الأسرة إنّ تداعى تداعت، وبموضوعيّة، يتناول قضيّة العلاقات غير السويّة بين الأمهات وأولادهنّ، حماة علا مثال، وعلاقتها بأمّها مثال آخر، تواجهها أنّها لشدّة ما خافت منها، ربّت ابنتها على الندّية، لدرجة أنّ البنت باتت تخشى على أمّها وتحميها بدل أنّ تطلب منها الحماية والرعاية والاهتمام.

هند صبري في أجمل أدوارها

تخشى وأنت تشاهد المسلسل أن ينتهي بصورة تنسف الرسالة التي قام عليها، والتي تقول للمطلقات إنّ فشل زواجكن ليس نهاية المطاف، وإنّ أساس الزواج تفاهم الشريكين، وإنّ تجميل العلاقة لاستمرارها فوق أساس مهزوز مصيره الفشل، تخشى أن تنتهي علا إلى نبذ أحلامها وطموحاتها من جديد، والركض مجدداً إلى أحضان أوّل حبٍ صادفته وهي في طريق شفائها من تجربة مرّة، إلا أنّ النهاية تأتي منسجمة مع الرسالة التي وجّهتها علا. الفرصة الثانية لا تعني بالضرورة حباً جديداً ولا زواجاً ثانياً بل تأتي جوائز الترضية كما لم نتوقعها أن تكون.

هند صبري تلعب أجمل أدوارها، المرأة التي تنكسر وتنهض وتكابر وتضعف، مقنعة بكل تفاصيلها، مبهجة بألوانها وأزيائها، تبث طاقات أمل إيجابيّة، ندرك أن الحياة ليست بهذه السهولة، لكن لا ضير أن نشاهد ولو على شاشة التلفزيون، امرأةً مكسورةً نفضت عنها اليأس وحلّقت من جديد. أما سوسن بدر، فهي فاكهة العمل وهي الملح والبهار فيه، وهي أكثر شخصيات العمل تعقيداً وبساطةً في الوقت نفسه.


الحوار في المسلسل واقعي وصادق وحقيقي، خصوصاً الحوارات التي جمعت علا بوالدتها، وحوار علا والمشاهدين، تشعر أنّها تكلمك فتتورّط وتصبح واحداً من أبطال العمل. أما المخرج هادي الباجوري فقدّم عملاً من الناحية التقنية يوازي أعمال نتفليكس العالميّة، في مسلسل كنّا نتمنى لو طالت حلقاته، إلا أنّ القليل الذي يقول الكثير أفضل من كثير يدور حول نقطة واحدة، رغم أنّه كان لدى علا الكثير لتقوله بعد، على أمل ألا ينفس الموسم المنتظر كل نجاحات الموسم الأوّل.


يقرأون الآن