جمعت نجوى كرم غلالها في بداية الصيف، وكان محصولها 7 أغانٍ قدمتها على بيادر الدهشة والافتنان.
ألبوم كامل قطرته على مراحل في كل مرّة تقدّم جرعة على شكل أغنية. وجرعتها مسكوبة في كؤوس من الإبهار والتأنّق. لا بساطة في طرحها بل تكلّف وإسراف وغنى.
كل أغنية تبدو نجوى متألقة بطلتها وحضورها، جميلة كما لم تكن يوماً، فتية كما بطلات الأحلام، ومتأنقة في أبراج الجمال.
في كل أغنية تبتكر لنفسها إطلالة جديدة ساحرة، سواء بالأبيض الفضفاض او الأسود المنمق او الشفاف المطبع.
إنّها قبيلة من النساء في ألبوم. الظهور مكلف ولا يشبه الضيم، بل غزل وتحدٍ وأريج فخامة يصل لتكون حورية الزرقة التي تلف غلاف العمل كله.
سبع أغانٍ من الحب الخالص تشدو فيه بحنجرتها، وتصف النفس العاشقة والوله المردود نحو حبيبٍ لا يرضيه اقل من هذا العشق الملوكي، القادم من عصر الأساطير والرفعة والمقام. فهي الملكة التي تظهر بثوب الملوكية وتغني لحبيب لا يرضى بالقليل.
أسرفت كرم جداً في تقديم صورتها والإطار العام لصنع الصورة الجمالية التي تقتنص العين. أما الأذن فحبها أتى على وتيرة واحدة، إرضاء الحبيب والتغزل به.
أغنية "شغل موسيقى" التي أتت باللون البدوي أو الجبلي أو العراقي او كل هذا معاً، شيء جديد وخليط له اكثر من نكهة، لأول مرة لا نعرف كنه المذاق وجذوره. إيقاعها جميل وفرح، أمّا كلماتها عتب وحنين وانكسار ونبضها شبق، هذا التناقض يشي بشيء غير مألوف" شغّل موسيقى حزينة، دور ولفّ المدينة، والخالص عمرا يموت، علَي علَي الصوت".
الأغاني السبعة إما تتغزل نجوى كرم بالحبيب كما في "عشر دقايق" "شو لذيذ وشو رايق"، إما تتغزل بنفسها حتى تناسب الحبيب ومتطلباته كما في أغنية "مغرومة بحالي": "لابقى حلوة بعينك برسم جمالي أنا بدي طيرلك عقلك".
كثير من الحب في هذا العمل، لكن ذاك الحب الذي يدق على وتيرة واحدة، وهو إرضاء الحبيب ومناجاته ووصفه والذوبان فيه، كما في "زعلك صعب "او "بحبك حب".
اخذت الألبوم كله على شاطىءٍ واحدٍ من ذاك الحب الذي يغرق بالآخر، ولا يريد لأحدٍ أن ينتشله، فلم تعاتب الحبيب ولم تنتفض عليه، ولم تغضب ولم تتطرق لأي موضوع آخر سوى مناحل الحب التي تقطر عسلاً. أنه الهيام كلمة وصورة.
أما الصوت فهل صوت نجوى كرم هنا كما في البوماتها السابقة؟ أين "كريزما" من "عيون قلبي" وما بسمحلك " من "شمس الغنية" من "ندمانة" من كل تلك الألبومات ذات الصوت العذب النقي، التي صنعت مجد شمس الأغنية اللبنانية التي تشرق دون خفوت، والتي تشع نغماً وصوتا تهتز له الجبال وتردده السهول والوديان .هل هذه المرة كما سابقاتها؟
كانت الصياغة في المظهر والتحلّي بالصورة أكبر من الحنجرة، وصوت الثوب أعلى من النغم. الإسراف كان موجهاً ونحتاج أكثر إلى نغمة أصفى وأنقى من صاحبة الإرث الكبير، الموكلة بحمل فلكلور الأغنية اللبنانية الغني والعميق.
نجوى كرم أطلت بعد ست سنوات غياب على آخر ألبوم لها عام 2017 " مني الك" بكامل جهوزيتها وتجدّدها، لكن الصوت لم يكن بكامل جهوزيته وحضوره.