TRENDING
الذكرى الثامنة لمُكتشف النجوم وصائد الجوائز نور الشريف

خمسون عاماً من الفن، وعمرٌ من الجد والاجتهاد، أثمر عن أعمال خالدة لن ينساها المشاهد العربي.

قبل ثماني سنوات وفي مثل هذا اليوم، رحل نور الشريف الإنسان، وبقي أثره وأعماله الخالدة التي كان لها دور عظيم في تاريخ الفن المصري والعربي. رحل الإنسان وبقي الفنان، فالمبدعون لا يرحلون...

عن عمر ناهز الـ69 عاماً، رحل النجم القدير نور الشريف عام 2015 بعد صراعه مع المرض الخبيث، تاركاً وراءه إرثاً فنياً فريداً لن يتكرر ثانيةً.

اكتشف ألمع نجوم الشاشة المصرية وتربّع على قمّة السينما لأكثر من 25 عاماً، ولقّب بصائد الجوائز بنيله أكثر من 150 جائزة في حياته، وبلغت أعماله الفنية أكثر من 200 عمل. فكيف كان الواقع في حياة نور الشريف الذي لم يعرف اسمه الحقيقي سوى في الصف الأول الابتدائي، ولم يرَ والده في حياته؟


طفولته واسمه الحقيقي وتبدّل حلمه

لم تكن طفولة نور الشريف كبقية الأطفال، لم يتربَّ في أحضان والده ووالدته، إنما في بيت العائلة بين عمّه وعمّته، فبعد وفاة والده وهو رضيع، قام عمّه بتربيته.

لم يعلم نور الشريف بحقيقة وفاة والده الذي توفي بسن الـ 26، حتى التحق في المدرسة الابتدائية، وقال في إحدى تصريحاته: «كنت أعتقد أن عمي اسماعيل هو والدي، إلى أن دخلت المدرسة ونادوني باسم محمد جابر، فلم أجب، فناداني الأستاذ فقلت له إن اسمي هو نور إسماعيل، الاسم الذي كانوا ينادوني به في البيت»، وأضاف: «يومها قصدت عمتي وسألتها فأخبرتني أن والدي توفي وأنا في الشهر التاسع من عمري»، مؤكداً أن علاقته بعمّه لم تتغيّر بعد معرفته الحقيقة.

جمع نور الشريف بين الثقافة والوسامة، وبدأ من ملاعب كرة القدم حتى وجد ضالته على خشبة المسرح. كانت أحلام محمد جابر، وهو اسمه الحقيقي، تتركّز في الكرة فقط، إلى أن دخل معهد التمثيل فتغيّر مجرى حياته وأصبحت خشبة المسرح حلمه الحقيقي وأمله الذي يتطلع إليه.

وروى النجم الراحل يوماً قصة تغيير اسمه، حيث اختار له والده اسم «محمد» لكن كانوا ينادونه باسم «نور» وكانت شقيقته معجبة جدًا بالنجم العالمي الراحل عمر الشريف، ففكر سريعاً في تغيير اسمه، وطلب من المخرج كمال عيد اعتماده كإسم فني. وعندما تزوج من الفنانة بوسي، وأثناء حملها في ابنتهما الأولى، طلبت منه تغيير اسمه من «محمد جابر» إلى «نور الشريف» بالأوراق الرسمية، حتى يقيد مولودهما باسمه الفني الجديد.

عادل إمام رشّحه لأول أدواره

كانت انطلاقته الحقيقية من دوره في فيلم «قصر الشوق»، الذي جاء بترشيح من الزعيم عادل إمام بعد أن رآه على المسرح، لتتوالى من بعدها الأعمال التي وصلت إلى أكثر من 200 عمل تنوّع ما بين السينما والدراما والمسرح.

تميّزت أغلب أعماله بتعبيرها عن هموم ومشاكل وتطلّعات المواطن البسيط وانتصر له في أعمال مثل: «أرزاق يا دنيا»، «الحب وحده لا يكفي»، «الحقونا» وسواها. كما كان للسياسة جزء مهم في أعماله، وأبرزها: «الكرنك» و«أهل القمة» و«ناجي العلي» و«المصير».

وكان لأعمال نور الشريف التلفزيونية طابع خاص جداً ومردود جماهيري واسع منها، وعلى رأسها: «لن أعيش في جلباب أبي» و«عائلة الحاج متولي» و«عمر بن عبدالعزيز» و«هارون الرشيد» و«متخافوش» و«الرحايا».

200 عمل لـ«صائد الجوائز»

في مشوار العملاق نور الشريف نحو 200 عملٍ متنوعاً بين التلفزيون والإذاعة والمسرح والسينما التي حازت منها حصة الأسد بنحو 130 فيلم، بدأها بالجزء الثاني من ثلاثية نجيب محفوظ «قصر الشوق» عام 1967 للمخرج حسن الإمام وأنهاها بفيلم «بتوقيت القاهرة» للمؤلّف والمخرج أمير رمسيس عام 2014، واحتل بها المركز الثاني ضمن أفضل الممثلين في التاريخ بعد القدير شكري سرحان بسبعة أفلامٍ في استفتاء 100 سنة سينما.

لقّب نور الشريف بـ«صائد الجوائز» ومن أهم من نال: الجائزة الذهبية من «مهرجان نيودلهي السينمائي الدولي» عن فيلم «سواق الأتوبيس» عام 1982، جائزة أفضل ممثل من «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» أكثر من مرة، وأخيراً جائزة أفضل ممثل من «مهرجان وهران للفيلم العربي» عن فيلم «بتوقيت القاهرة».

اكتشف ألمع نجوم مصر وأطلقهم فنياً

يعتبر الفنان الراحل نور الشريف مُكتشف النجوم والمخرجين والمؤلفين في تاريخ السينما والتلفزيون، وقد قدّمهم في أعماله كمنتج أحياناً وكبطل في غالبية الأحيان، وأبرزهم مصطفى متولي في فيلم «دائرة الانتقام»، وإلهام شاهين في مسلسل «أديب»، وسوسن بدر في فيلم «حبيبي دائماً»، مروراً بغادة عبد الرازق وسمية الخشاب ورانيا يوسف في «عائلة الحاج متولي». كما اكتشف إيمان العاصي وشريف سلامة وزينة في مسلسل «حضرة المتهم أبي»، ثم حسن الرداد وآيتن عامر وعمرو يوسف ودينا فؤاد في «الدالي».

وغامر الشريف بإنتاج أول أعماله كمنتج، بتقديم المخرج سمير سيف لأول مرة في فيلم «دائرة الانتقام» ثم قدّم محمد خان في «ضربة شمس» الذي أنتجه بنفسه أيضاً، ليطلق بعدها مجموعة من المخرجين والمؤلفين ويسجّل في رصيده 9 أفلام من إنتاجه، كان آخرها فيلم «العاشقان» الذي أنتجه عام ،2001 وكان العمل الوحيد الذي أخرجه بنفسه.

سعاد حسني أعظم ممثلة برأيه!

شارك نور الشريف كل نجمات جيله وبعض نجمات الأجيال السابقة أعمالاً سينمائية منهن: ماجدة الصبّاحي وماجدة الخطيب، وكانت ميرفت أمين صاحبة الرقم القياسي للعمل معه في السينما بأكثر من 20 فيلماً، ثم شريكة حياته بوسي بـ13 فيلماً، فـ نورا ومن بعدها السندريلا سعاد حسني بثمانية أفلام، وقد قال عنها: «سعاد حسني أعظم ممثلة جاءت في تاريخ مصر».

رفضه العمل السياسي

حاولت بعض القوى السياسية أن تقنعه في التسعينيات وبدايات الألفية الجديدة بأن يترشح على قوائمهم لعضوية مجلس الشعب، استغلالاً لشعبيته ولكنه رفض بشدة، مؤكداً أن الفنان يجب ألا ينضم إلى أي تنظيم سياسي أو يعمل بالسياسة حتى لا يحدّ من حريته ورغبته في تناول القضايا المختلفة.

أحَبّ الأدوار إلى قلبه

عشق شخصية عبد الغفور البرعي واعتبر مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي» أحبّ أعماله التلفزيونية إلى قلبه، وقال عنه: «هذا الرجل كان متوازناً في إنفاقه بشكل كبير وجعلني أندم على الكثير من الأموال التي أنفقتها في أسفاري ورحلاتي بدون هدف».

صدفة وراء إصابته بالسرطان وعائلته أخفت عنه مرضه

اكتشفت عائلة نور الشريف إصابته بمرض السرطان أثناء تصويره مسلسله «خلف الله»، حيث كان يعاني من مشكلات في قدمه، فسافر إلى لندن بغرض إجراء عملية صغيرة في قدمه، ولدى خضوعه للفحوصات والتحاليل تم اكتشاف إصابته بالسرطان. وفضّلت أسرته عدم إخباره بحقيقة إصابته بمرض سرطان الرئة حتى وفاته، وقد اكتفوا بإخباره أنه يعاني من التهاب في الرئة، ولم يتوقّف عن العمل حتى أثناء مرضه، فقد كان يكمل حينها تصوير فيلم «بتوقيت القاهرة».


يقرأون الآن