TRENDING
ميديا

"نقطة انتهى".. التشويق والإثارة على نار هادئة

نجح مسلسل "نقطة انتهى" لكاتبه فادي حسين، ومخرجه محمد عبد العزيز، في خلق جو من الإثارة والتشويق وكأن أحداثه تطبخ على نار هادئة، لنقف أمام تشابكات كثيرة لم تكن موجودة في بداية العمل.

تتوالى الأحداث بشكل متسلسل، فبعد الجريمة التي ارتكبها، دون قصد، الصيدلاني "فارس" (عابد فهد) وقُتِلَ فيها أخو زوجته "كرمى" (ندى أبو فرحات)، ثم إخفاؤه الجثة واحتفاظه بهاتفها النقال، ومحاولة تمييع جريمته، نكتشف أن زوجته هي صاحبة الأسرار والمُتَكَتِّمة الأكبر عن كثير من القضايا والأمور.

كما نجد شخصية "غزوان" (أنس طيارة) فيها انقلاب كبير، إذ يتم إبراز جانبه الشفاف كإنسان قادر على الحب، بعد أن صوَّره العمل سابقًا كقاتل بدم بارد لا يهمه عمر الضحية ولا أي تفاصيل تخصها، خاصةً أن ماضيه مشبع بالعنف، والرفض، واليتم.

وفي الوقت ذاته يلعب غزوان لعبة الكشف والإخفاء، ويندمج في مخاضات الشر التي يؤديها "خالد السيد" بشخصية "عزام" حفار القبور الذي يتستر وراء وظيفة غسل الموتى للغوص في مجال التهريب، والقتل، والتجاوزات القانونية التي يتقنها، ومثله هناك المحامي "سامي" (عادل كرم) الذي يوارب خصومه وزوجته وكل من حوله بتحقيق أهدافه الاجتماعية، وطموحه السياسي.

وتتعقد الحكاية، وتتشابك خطوطها، في ظل حالة الحب التي يبديها غزوان لكرمى، بينما تعود تلك الأنثى إلى حسابات حبيبها الأول سامي الساعي إلى الثأر من مقتل ابنه بعيدًا عن سيادة القانون، فله قوانينه التي يسنّها بنفسه.

قصص كثيرة تروي معاناة النازحين السوريين في لبنان، والسجالات بين السياسيين حول وجودهم، وكذلك الاستياء من الواقع المعيشي في بيروت والذي يطال السوريين فيها.

وإلى جانب ذلك يواصل العمل التشبيك بين الزمنين الماضي والحاضر، من خلال قصة الحمل غير الشرعي لشقيقة "فارس" من شقيق "كرمى" المقتول، لتأتي الفيديوهات والتسجيلات الصوتية لتفتح المجالات الواسعة للتأويل، وتعزز الشك، والتشويق، والملابسات في المسلسل.

شخصية "فارس" يؤديها باقتدار عابد فهد، مُحققًا نقلة نوعية في الشخصيات المركبة التي بقدر ما تخفي فإنها تُفعِّل مشاعرها وتبرزها في ملامح الوجه وأسلوب الحركة وطريقة الكلام، وبكمية هائلة من الإجادة تُدير الفنانة ندى أبو فرحات انفعالاتها، إذ تتقمص شخصيتها إلى أبعد الحدود، بحيث تبدو مع فهد على كفَّتي ميزان ذهب في الأداء.

بدوره أنس طيارة في تسخير شخصيته، وإبراز قوتها وهشاشتها في الوقت ذاته، إذ لعب في المساحة الفاصلة بين كونه إنسانًا من جهة، ووحشة من جانب آخر، ولا يكتفي بهدوئه العاصف، بل يدوزن استفزازاته، ويستنفر مشاعره، ليجعل من فن الممثل قيمةً عليا، ومن أدائه مثالاً نموذجيًا يدرس.

عادل كرم يثبت أنه ممثل جيد، بأدائه المضبوط، في تصوير وساخته الاجتماعية والسياسية، وعلاقاته المشبوهة مع نساء كثيرات، منهن زوجة أخيه "ليال" (رلى بحسون) التي تُلِح على علاقتهما، لكنها تواجه بالصد من قبل سامي.

على المقلب الآخر وككل عمل ناجح ثمة من ينتقد ويحاول أن يطرح ما كان يجب أن يكون (حسب رأيه).

فقد تعرض المسلسل لانتقادات لاذعة من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

تركزت الانتقادات حول تشابه العمل بشكل كبير مع مسلسل "النار بالنار" الذي قدمه عابد فهد أيضاً في الموسم الرمضاني الماضي.

وانتقد المتابعون التشابه الكبير في ديكورات العمل، حيث إن الحي الذي صور فيه مسلسل "نقطة انتهى" يشبه إلى حد كبير الحي الذي تم تصوير مسلسل "النار بالنار" فيه، فكلاهما حي فقير ومعدم تغزوه أجواء الظلام والبؤس وانعدام الأمان.

ولم يتوقف الأمر عند التشابه في الديكورات، بل لاحظ العديد المشاهدون أيضاً تشابهاً كبيراً بين الشخصيتين اللتين جسدهما عابد فهد في كلا المسلسلين، سواء من حيث طريقة الكلام البطيئة الإيقاع، أو التحركات التي تنم عن شخص مصاب بحالة نفسية.

واعتبر العديد من رواد مواقع التواصل، أن شخصية "فارس" (عابد فهد) في "نقطة انتهى" هي تتمة لشخصية "عمران" (عابد فهد) في "النار بالنار" بعدما قرر التوبة والعمل في مهنة الصيدلة.

وكتب أحدهم قائلاً: "نقطة انتهى بتحس حالك عم تحضر موسم تاني من النار بالنار، خصوصي بوجود ابن المخرج اللي عم يلعب نفس الدور.. نفس الحارة وبتحس نفس السكان.. ناقص عزيز وقمر.. أما عابد فهد بتحسو عمران بعد ما تاب وفتح صيدلية".

في حين كتب آخر: "بصمة المخرج هي هي كما كانت في"النار بالنار": نفس الحي تقريباً، وابنه عم يلعب نفس الشخصية، ونفس طريقة التصوير بإضاءة معتمة، أحيانا ما ببين شو في بالمشهد.. مبالغة بالتعتيم".

لا عجب في الانتقاد ولا عجب في ابداء الإعجاب، فالمسلسل نال متابعات لابأس بها، واستطاع المسلسل ان يحجز متبة بارزة بين المسلسلات التي عرضت خلال شهر رمضان.

يقرأون الآن