زياد مروان نجار ابن الفن الأصيل. يستمر في عرض مسرحيته "وعيتي" التي زارت عدة مسارح في لبنان لتحط في مسرح مونو.
زياد كاتب ومخرج وممثل بعدة شخصيات امتشقها من الواقع المرّ للشعب اللبناني فقدمها بسخرية محزنة على المسرح.
مقنع زياد في كل شخصياته المبتكرة. يتحول إلى سيدة عجوز لا يعجبها العجب، ويمقتها كل شيء. متأففة وحيدة تستذكر الماضي بحرقة يوم كان لها صولات وجولات مع الرجل الحبيب، ويوم كانت تهز عصب الرجال بأنوثتها. شخصية مرحة ومؤلمة.
ثم يتحول زياد إلى نحات يحاول أن ينحت تمثال امرأة ويحدثها بغضب وتعالي أحيانا وشراسة أحيانا اخرى. يلقي عليها خطاب الحياة وأوجاعها ويبدو في شخصية المونولوغ متورطاً حتى النهاية في صياغة روحية الشخصية التي يجسدها فيضرب التمثال ويحدثه عن مأساته يظهر مقت الدنيا ويدعو إلى عدم الاستسلام. خاصة بعد حدوث انفجار بيروت محاولاً التكيف مع الواقع المرير.
الشخصية الثالثة، أب يطلق النار على ولده الوحيد المصاب بداء الصرع، محاولاً وضع حد لمعاناته والعائلة، مع هذا الواقع، الذي مضى عليه 13 عاماً. يطرح زياد هنا مشكلات الاستشفاء والطبابة في لبنان والصعاب، التي تواجه العائلة، في ظل وجود حالة مرضية في المنزل. ويدخل زياد في حوار مع الجمهور الحاضر. كيف يمكن أن يتحمل أب مرض ابنه لسنوات طويلة والناس تسخر منه ومن وابنه المريض. مستنزفاً كل قرش وكل طاقة من اجل ان يحميه ولكن لم يصيبه إلا الانهيار بسبب هذه المحاباة.
في الشخصيات الثلاثة المختلفة كان زياد مقنعاً ومحفزاً. حتى وصل به الأمر أن يمتشق مسدسه ويصوبه إلى رأسه بلحظة جنون عارمة فبدا ما يقوم به حقيقياً.
هدف هذه الشخصيات التي تقمصها هو الخروج من عزلة الذات إلى فضاء الطبيعة والبشر، في تعبير صادق عن مناخ الوحدة الذي يصيب عينات كثيرة هذه الأيام ولا قدرة لأحد على وصف علاج فالمعاناة عامة والأزمات نفسها. وليس امامنا سوى أن نقاوم بالفرح وعدم الرضوخ للواقع.
يبدو زياد نجار فنان له رسالة خاصة قد تتماهى مع ما قدمه والده مروان نجار أو قد تكملها. فهو ابن البيت الفني الذي يتكأ على التواضع والأخلاق والتفاؤل. وبأن الفن رسالة قادر ان يؤثر في الأجيال ويصنع منها نموذجاً. وهذا لبّ مسرحية "وعيتي" التي نجحت بكل شخصياتها التي خلفها مبدع واحد.