إنه "الملك" الذي حكم الكرة الأرضية بغيتار. وصلت "مواصيله" بقاع الكون المنسية. عرفه العالم أجمع بشيبه وشبابه. كان أسطورة زمانه وما زال اسمه حتى الساعة يدر أموالاً وهو في مدفنه. الفيس برسيلي الذي توفي في عام 1977 في مثل هذا اليوم قبل 46 سنة، ما زالت أغانيه تملأ الدنيا وما زال الفنان الأكثر مبيعاً.
الأسطورة الفيس بريلسي
الثائر الأول
كيف يمكن لفنان واحد أن يقلب كل المفاهيم ويسجل هذا الحضور في عمر لم يتعدّ 42 عاماً؟
هو الثائر الأول الذي غيّر الوجهة الثقافية والموسيقية للقرن العشرين. هو الذي أوجد موسيقى الروك اند رول وابتكر خليطاً من موسيقى الكونتري وموسيقى البلوز. جمع بين العرق الأبيض والأسود من خلال الموسيقى كاسراً كل الأعراف، فكان المتحدي الأول لكل النظم السياسية التي كانت قائمة. واستطاع بموسيقاه أن يجتاح العالم من أقصاه حتى أقصاه.
هذه الموسيقى هي التي غيّرت وجه العالم فنياً وإنسانياً، فلولا برسيلي ربما لم يكن العالم اليوم كما نراه. استطاع أن يخلق هذا المزج الذي كان من الصعب أن يتوحد بين العرقين الأبيض والأسود.
ما زالت قمصانه المنمقة الموشاة بالبريق وخطواته الراقصة أسلوباً يقلد حتى الساعة. يضرب باسمه المثل عند من يختال بنفسه فيقال "مفكر حالك ألفيس برسيلي".
محلات تجارية ومطاعم ومقاهٍ وقاعات موسيقية وألعاب تسمى باسمه حتى اليوم. إنه الاسم الذي خلق خارطة جديدة للعالم فوحدها تحت مسمى الموسيقى.
لم يكتفِ بنجاحه في عالم الغناء فحقق نجاحات في السينما
زمن الصعود
ولد الفيس بريسلي في مدينة توبيلو في ولاية ميسيسيبي، وانتقل إلى ممفيس، تينيسي مع عائلته عندما كان يبلغ من العمر 13 عاماً.
بدأت مسيرته الموسيقية هناك في عام 1954، عندما سجل أغنية مع المنتج سام فيليبس في صن ركوردز.
حصل بريسلي على عقد مع آر سي أيه فيكتور في صفقة رتبها كولونيل توم باركر الذي أدار مسيرة المغني لأكثر من عقدين.
أولى أغاني بريسلي على هذه العلامة هي "Heartbreak Hotel"، وصدرت في كانون الثاني\يناير 1956 وحققت نجاحا كبيرا في الولايات المتحدة.
اعتبر بريسلي شخصية رائدة في عالم الروك أند رول بعد سلسلة من النجاحات على حفلات التلفزيون وأغانيه التي تصدرت مختلف القوائم.
كانت طريقة غنائه الحيوية وأداؤه المليء بالإيحاءات الجنسية، إلى جانب تجاوزه لحدود الأعراق في زمن بزوغ حركة الحقوق المدنية، كلها عوامل جعلته شخصية شعبية جدا ومثيرة للجدل.
تألق برسيلي أيضاً كممثل فقدم حوالي 31 فيلما كان أولها فيلم " Love me tender " عام 1956، ومن أشهرها «تحيا لاس فيجاس»، وهاواي الزرقاء، اتبع ذاك الحلم، طريق سريع، وتوالت أفلامه بعده، ونذكر من أغنياته الشهيرة لا تكن قاسياً، أحبني بلطف، صخرة السجن، أريدك.. أحتاجك.. أحبك، القطار الغامض، Can't help falling in love with you وغيرها الكثير من الأغاني التي سلبت قلوب الشباب وما زالت تلقى صدى عند أجيال اليوم.
كان معشوق النساء لكنه لم يوفق في زيجته
أعلى نسبة مبيعات على مدى العصور
حقق ألفيس بريسلي على مدار تاريخه الفني أعلى نسب مبيعات لألبوماته الغنائية، فبيع له أكثر من 500 مليون تسجيل عالمي، محققاً ومحطماً الأرقام القياسية، فكان له 120 أغنية فردية وصلت إلى قائمة أفضل 40 أغنية أميركية الأكثر مبيعاً. وإلى قائمة الأغاني الـ8 الأكثر شهرة ومبيعاً على مدى العصور ولم يستطع أحد أن يكسرها.
الحفل الذي تخطى مشاهدته أول هبوط على سطح القمر
في عام 1973، ظهر بريسلي في أول حفل يبث عالمياً عبر الأقمار الصناعية لأكثر من 40 دولة عبر آسيا وأوروبا Aloha from Hawaii .
شاهد الحفل أكثر من بليون شخص حول العالم كانت المشاهدات تتخطى مشاهدة أول هبوط على سطح القمر. كانت كلفة الإنتاج عالية لهذا الحفل بالنسبة لذلك الوقت بحدود 2.5 مليون دولار.
من حفل زفافه
حياة تدّون
كتّاب كثر تناولوا سيرة برسيلي لكن أهمها ما كتبه الناقد الموسيقي والكاتب الأميركي بيتر جورالنيك في كتاب «حب يقتل: سقوط ألفيس بريسلي». وتصوير مسلسل تلفزيوني عام 2005 بعنوان «ألفيس» وفاز هذا المسلسل بجائزة «غولدن غلوب». وفي عام 2022 قدم المخرج باز لورمان فيلم عن حياة الفيس ويحمل اسمهelvis”" .
تزوج ألفيس بريسلي من فتاة جميلة تدعى بريسيلا آن بيليو عام 1967 بعد قصة حب دامت سبع سنوات، وأنجب منها ابنته الوحيدة ليزا ماري بريسلي، ولكنه واجه في زواجه الكثير من المشاكل وانتهى بالطلاق بعد أن هجرته زوجته مع صديق مشترك لهما عام 1973فلم يوفق في حياته العاطفية على الرغم من كثرة معجباته.
عُرف عن بريسلي تواضعه و رِقّة طبعه في تعامله مع من حوله.
مع زوجته وابنتهما
الموت الصاعق
وكانت سنة الانفصال عن زوجته هي بداية تدهور حالته الصحية، إذ زاد وزنه إلى حد السمنة الخطيرة، وشهدت تلك الفترة معاناته من ارتفاع ضغط الدم وإدمانه على مزيج من الكحول ومختلف العقارات بما فيها المضادة للإكتئاب. فأمضى أوقاتاً ليست قصيرة في مستوصفات معالجة الإدمان، ونقل إلى المستشفى في حالة خطيرة مرتين بسبب تناوله جرعة زائدة.
وفي تمام الثالثة والنصف من ظهيرة 16 أغسطس (آب) 1977 لفظ نفسه الأخير بعد سكتة قلبية عن 42 عاماً، وعثر في جسده الميت على أكثر من عشرة أنواع من المخدرات.
لم يصدق معجبوه إنه توفي وظنوا أنها رواية كاذبة للقول إن برسيلي اعتزل الفن. وصار يتهيأ للبعض أنه التقى به وثمة كثيرون يصدقون هذه الإشاعة، فصار يُسمع من حين لآخر أنه شوهد هنا أو هناك.
توافد إلى جنازته أكثر من 80 ألف شخص وحرست مدينة ممفيس ب 300 جندي من الحرس الوطني بأمر من الرئيس الأميركي جيمي كارتر للحفاظ على الأمن.
في أواخر آب\أغسطس من نفس العام ، حاول لص سرقة جثة الفيس. ونتيجة لذلك تم نقل كل من ألفيس وبقايا والدته إلى حديقة التأمل في غرايسلاند في 2 تشرين أول\أوكتوبر 1977.
من جنازة ألفيس بريسلي
الموت الذي لا يموت
بعد 5 سنوات من العثور على ألفيس ميتاً في قصر غريسلاند، فتحت زوجته السابقة بريسيلا بريسلي العقار للجمهور لزيارته.
ويتدفق الآن نحو 600 ألف معجب للتجوّل في القصر، حيث عاش ملك الروك آند رول 20 عاماً، وأصبح هذا المنزل الأكثر زيارة بعد البيت الأبيض في أميركا. تديره شركة تجني الملايين تسمى مجموعة شركات ألفيس بريسلي.
وأظهرت إحدى الإحصائيات أن بريسلي لا يزال يحقق دخلاً مادياً خيالياً على الرغم من وفاته، إذ ما زالت ألبوماته الغنائية تدر ملايين الدولارات سنوياً على ورثته، لذا ليس غريبا أن يحجز ألفيس مكاناً له في قائمة "فوربس" السنوية للمشاهير الأعلى دخلاً في العالم حتى الآن.