في كل مرة تصطبغ بلونٍ، وكلما صار لونها قانياً غادرته وفتشت عن لون آخر تتلوّن به.
دخلت المسرح وكانت ملكته واحتلت عرش الرحابنة في أوائل الألفية.
ضاق عليها المسرح فراحت نحو التمثيل ولم تقبل بأقل من دور البطولة، هي من امتشقت سيف زنوبيا وحكمة زمن سقراط. فتقمصت صباح وأدت سيرتها عملاً تلفزيونياً ثم غابت عن التمثيل.
كارول سماحة
شقت طريقاً آخر في عالم الغناء والألبومات وأبدعت حتى صارت حدودها السما وأضواء الشهرة.
نجحت كارول سماحة في كل ما قدّمته. لم تقف عند شرفة واحدة بل راحت تبني شرفاتها العديدة، لتطل على أكبر جمهور ممكن وتجمع حولها المحبين.
تجازف في كل مرة تخطو خطوة نحو التغيير أو التجديد. يوم غادرت مسرح الرحابنة وشقت طريقها في عالم الغناء، كثر راهنوا على فشلها وقالوا هذا الدرب لا يشبهها. هي التي انطلقت بطلة في عالم المسرح الغنائي بإمضاء مُهر بأرباب هذا النوع.
ويوم أدت الشحرورة قالوا ما قالوا عن هذا العمل الذي صوّر في ظروف قاسية كانت تهز الوطن العربي بكامله. حين غنّت لم تكتفِ بلون أو موضوع بل راحت تلون مسيرتها ودوماً تخرج من كل هذا ممشوقة وشعارها "أنا حرة".
قبل أشهر قليلة قدمت البوماً ذهبياً من 12 أغنية. الشعر فيه لمحمود درويش والموسيقى لتيسير حداد. عمل غير تجاري. فيه التزام وجدية ولا يشبه النمط الغنائي السائد في عالم التراند والتجارة.
كارول سماحة في الألبوم الذهبي
تعاملت كارول بسخاء مع هذا العمل الرصين وصوّرته في مدينة كييف وهي تدرك أن هذا النمط من الأغاني لن يكون فقاعة صابون ترغي حولها الاسماع، واكتفت أن تسجل اسمها في قائمة الفن الجدي والهادف والذي يبقى مشعاً مهما تراكم الزمن. تحب كارول أن تسجل موقفاً ودوما مواقفها عالية الصوت لا تأبه لما يدور حولها تبني أسوار مملكتها وتنطلق في رؤاها.
حصل جدل واسع حول أغنية "ستنتهي الحرب" من ألبومها الذهبي وأن الكلمات ليست للشاعر الكبير محمود درويش. وثارت القلاقل من كل حدب وصوب خاصة من أولئك الذين يعتبرون أنفسهم جنود يدافعون عن شعر درويش ومملكة الشعر. وكان الغلط موجوداً ووضحت كارول المسألة بأن هذا الشعر موجود تحت أسم الشاعر وأحداً لم يعترض أو يظهر الحقيقة الا عندما غنتها هي. وصحح الخطأ من قبل كارول.
لو أخذتَ كارول سماحة "شقلة" واحدة ستعرف أنّها حمل ثمين. لا أحد يضاهيها حضوراً وحنجرةً وقامة ومسرحاً. وما نجاح حفلاتها في هذا الصيف سوى ترداد صدى لما هي عليه من مقوّمات. فهي أشعلت العالم في ستوكهولم وارتفع التصفيق في العلمين والامتنان في دمشق.
نشأة كارول سماحة مغروسة فيها أينما حلّت، فهي ربيبة الفن الصالح وابنة جبل الأرز الذي عرف المآسي. شربت من منابع الثقافة والفن الأصلي. كل هذا الزاد يجعلها مصانة ومحط أنظار. ففنها مرآة هذه النشأة. فإن كنت لا تحبها لا يمكنك إلا أن تحترمها. هذا هو الفن الذي يراكم ليبقى ويعيش.
أقوال كثيرة وانتقادات قد تتناولها سواء غنت أو صورت كليباً أو لبست رداءً. لكن كارول سماحة شخصية ممسوحة بالزيت، لا يمكن التقاطها من هذه الأيدي المبللة بالسوء، لأن نيتها واضحة ومسلكها نقي ودربها مصقول بالجمال والفن الراقي. وصيد المياه العكرة ضئيل وينقصه الرؤية والروية. وكارول لا تحتاج إلى شهادة حسن سلوك فني أو شخصي. فهي كيفما حلّت علّمت وعلّت.