TRENDING
بين خطيئة

بين فاي (ستيفاني عطا الله) وعليا (باميلا الكيك) في مسلسل "كريستال" أضداد ومرادفات.

الممثلتان تقدمان دور العمر في هذا العمل الذي شغل الناس وباتا حديثهم.


خطيئة فاي

فاي ابنة الناطور الفقيرة ذات الطموح الكبير التي تعمل عند عليا الثرية الجميلة، أقصى

ما تتمناه أن تكون مثلها. تلك الفتاة الرقيقة الطيبة إلى درجة السذاجة ستتبدل مع الوقت وتأخذ شخصية أخرى مناقضة لا تشبه نفسها.

الحب هو الذي غير فاي، التمادي في الطموح هو الذي سيجعل منها إنسانة لا تشبه حقيقتها الأولى. لم تدرك فاي أن الحياة غير منصفة ولا يمكن أن يتساوى الناس عندما تكون النشأة مختلفة. فالفقير له مقوماته في ميزان البشر والغني أيضاً.

شربت فاي كثيراً من بحر الثقة وبلعت أكثر من ماء التحمّل والصبر. ولكنها لم تدرك أنّ الناس مقامات والخادمة من الصعب أن تصبح سيدة، خاصة عند الذين يرون الحياة طبقات وفئات.

خطيئة فاي التي ستحملها مدى الحياة وتدفع ثمنها أنها أحبت حبيب عليا. فهذه الأخيرة القادرة والقديرة التي ولدت لا يرفض لها طلب، تحصل على مبتغاها كيفما شاءت لن تكون حربها مع غريمتها الخادمة سهلة.


ستيفاني عطا الله

صراع طبقي

الحب يستحق الحرب خاصة عندما يكون الحبيب شخصية كاملة محبة وطيبة وعطوفة مثل الدكتور جواد. امرأتان تتنازعان عليه. امرأتان تسنان السكاكين إحداهما للأخرى، وتدبّران المكائد وتتناحران بكل ما لديهما من قوة من أجل الانتصار لنيل كل واحدة مبتغاها.

فاي تريد خلع جلدها فهي لا تعترف بقوانين الطبقات، إنها الفتاة التي تعول على انسانيتها وأخلاقها وتظن بمُلحها تستطيع أن تصل بسهولة وتحقق ما تريد. وما تريده قد يبدو كبيراً أو مستحيلاً عند أولئك الذين يظنون أنفسهم فوق مستوى البشر. المكانة الاجتماعية والثراء والنفوذ والعلم كل هذا له مقياس يصنف البشر وهذا ما لم تدركه فاي ولا تستطيع هضمه وهذا ما هي عليه عليا التي تضع نفسها في مقياس أعلى من الأخرين إن لم يكونوا من ثوبها.

تغيرت فاي وباتت فتاة أخرى. استبداد عليا وتعنتها وتشوفها وتكبرها غير فاي. والذي غيرها أكثر هو الحب. هذا الحب الذي سيكون نيله صعب فهي أغرمت بالمحرم بحبيب عليا. وهنا ستدفع الثمن غالياً حروبا ستمر بها مع القديرة القوية صاحبة النفوذ والشأن وهي تريد خوض كل ذلك وتربح معركتها.

الحرب بدأت بين فاي وعليا وكل الأسلحة استبيحت. مكائد وتعنت وظلم وقتل أحياناً. فاي لم تعد الطيبة سمتها ولا التنازل شيمتها ولا الغفران ولا التحمل ولا الانسحاب.

انخرطت أكثر في المعركة وضعت عليا مثلها الأعلى أمام ناظريها وراحت تسن سكاكينها اتجاهها تريد الاقتصاص منها وترويضها وإخضاعها والنيل منها. تقوم بكل ما يلزم حتى تحطمها ستغير جلدها وروحها، سوف تنبري كمارد غضب وتقف في وجهها.

حاربت فاي نفسها من أجل أن تربح معركتها مع عليا. تخلت عن حبيبها من أجل أن تذلها فتزوجت شقيق عليا المريض وهكذا ستصبح في وسط بيتها تتحكم وتأمر وتصبح معها الند بالند. سيدة أخرى تشاطرها المملكة. تستغل أن شقيق عليا أغرم بها حتى الذوبان.

الكل مغرم بفاي لأنها نبيلة وصادقة وطيبة ولأنها تشفق وترحم وتتحمل. لكن ليس بعد الآن. فهي أخذت منحى أخر مختلف. فاي التي عرفناها ليست هي نفسها وأن بقي شيء من تلك الروح يصرخ بين حين وآخر، إلا أنها صارت في مكان أخر شائك لا يمت للنبل بصلة ولا يشبه بداياتها الطيبة.

ستيفاني عطا الله قدمت هذه الشخصية بكل أريحية وإبداع. وصلت الرسالة والروحية كما يجب أن تصل. لم تخطىء ذرة واحدة بل شربت الشخصية شرباً. حفظنا نظرة عينيها الماكرتين وابتسامتها الكاذبة والصادقة وصوتها الصارخ بالظلم والآخر الذي يضج بالصدق.

فهل هناك من يحب فاي بدورها هذا؟ هي المتنكرة لكل صفاتها السالفة؟ هي التي ارتدت ثوب الكذب والخداع من أجل أن تصل مبتغاها؟ هي التي استهلكت كل أسلوب ممكن حتى تشفي غليلها وتنتقم؟ قتلت الطيبة ومشت وهي حتى الآن منتصرة. ربما الطيبة ليست سلاحا فتاكا ولا يقود للفوز. لكن الطيبة تفوز بالقلوب. وهي بدأت تخسر هذه القلوب.


باميلا الكيك

عيب عليا الصارخ

أما عليا فهي النقيض في كل شيء. هي الآمرة الناهية منذ البدء. هي التي تملك كل شيء. جمال فوق العادة. أناقة فوق الوصف. تصنع الجمال وتصيغ الأناقة وهذه مهنتها.

ولدت وملعقة الذهب في فمها. حاكمة في مملكتها. سيدة من جلدها حتى نخاعها. تعرف كيف تسيطر على نفسها. وكيف تتحكم بمشاعرها. كل شيء موزون عندها بالغرام. تبدو هادئة كجبل. باردة كالصقيع. ثقيلة كقطعة حجر فيروزي على بلاط الرخام.

امرأة لها وضعها وتاريخها ولها أخ تحبه كثيراً وحبيب تحلم أن تقترن بها. هي في مكانها كالأميرة وفي أكثر الأوقات تتصرف على هذا الأساس. ترحم حيث يجب وتتحكم حيث تريد. تستعمل نفوذها الذي ورثته من نشأتها. لا حاجة لها أن تتغير. فهي راقدة في مكانها. عندها الكثير الذي يغنيها عن الدخول في المهاترات.

عليا بمعارفها ومكانتها تستطيع أن تغير الاقدار وبثرائها تحكم وتتحكم. فهي ليست بحاجة أحد بل الآخرون بحاجة لها.

عيبها أنها ليست متواضعة ولا رحيمة إلا بالقدر الذي يمكنها من أن تبقى في القمة. من يتطاول عليها تقصيه. ومن يتشبه بها تنهيه. تنظر إلى الآخرين من علوها فمن هم معها على القمة تبادلهم الرؤية ومن هم دونها تنظر إليهم بازدراء وخفة.

شخصية عليا تجسدها باميلا الكيك. وقد انغمست في مائها حتى الذوبان. لم نعد نفرق هذه من تلك. هذا الكبرياء وذاك الجمال وتلك المشية والنبرة والعاطفة واللؤم. كلها تنضح من جبين واحد. وتسير بأقدام محسوسة وجمال أخّاذ. برعت الكيك في دورها لحد أننا نسينا من تكون. أو هي اعطتنا عليا وبتنا لا نفرق الحقيقة من التمثيل.

الحرب الآن قائمة بين هاتين الشخصيتين. واحدة تظهر لنا نفسها أكثر وتتقشر على حقيقتها وأخرى ترتدي ما ليس لها حتى تفوز.

في المحصلة الفائز الأول والأخير هو المشاهد الذي يتابع كل هذه الوجوه المتغيرة والمتقشرة وتلك النفوس العابقة بالحب والشرور وفي ظنهم أنهم الرابحون.


يقرأون الآن