"كسرة قلب"hard broken مسلسل جديد لبناني انطلق عرضه على منصة "نتفليكس" قبل يومين.
الصداقة هنا في ميزان النفعية والكذب والخيانة. العلاقات مشوّهة. الطيبة ملغومة. عمل يعالج كل هذا النفاق المستشري بين المحبين.
عمل يشد الحماس وفيه جرعة عالية من التشويق والإثارة. ست حلقات مشدودة كحبل يكاد أن ينقطع في أية لحظة.
عمل يلقط الأنفاس من المشهد الأول، جريمة قتل تحدث، تموت ياسمين الجميلة ويصاب زوجها الذي كان برفقتها في السيارة. وتبدأ الأحداث تتناسل. ما أن نرى حقيقة حتى تظهر أخرى بطريقة سلسلة وغير متعبة. فيها الكثير من التشويق والمعالجة المثيرة والذكية.
سر العمل وغرابته
عالم "كسرة قلب" كالّسم الملفوف بأوراق الشوكولا الملونة. تعمينا عن الحقيقة المرّة ولا نعرف دواخلها إلا أذا فتحنا أغلفتها أو تذوقنا طعمها، وأحيانا تؤدي بنا المجازفة نحو الموت. هم أشخاص من طينة الشر الخالص، والعقول الشيطانية. العمل لا يعالج الأبعاد ولا يحلل الشخصيات وخلفياتها بل يعرض لنا الحوادث كما هي ويترك للمشاهد أن يفتح فاهه مشدوهاً.
من مسلسل كسرة قلب hard broken
الجديد في هذا العمل الدرامي الذي يعالج الجريمة. أنه غير مباح ولا مستشري وليس نموذجاً في حياتنا. لذا قد تشعر خلال المتابعة بغربة عن الواقع ترمينا بعيداً في أماكن جديدة وغريبة.
ينقلنا العمل في رحلة تظهر لنا مدى صفاقة الأصدقاء، ومدى الشر الموجود في البشر بطريقة مستهجنة وغير معهودة. قد تكون هناك شخصية تتقاطع مع تفاصيل حياة نعرفها أو سمعنا بها. لكن أن تجتمع كل هذه الأحداث في حكاية واحدة فهذا غريب وهذا هو سر العمل وغرابته.
السهل الممتنع
الإخراج فيه الكثير من التكثيف والانتقال السلس والذكي بين مزج الأحداث الطازجة بتلك القديمة بأسلوب مشوق، وخلط فيه الكثير من الرؤية والبعد الدرامي.
نجح إيلي حبيب مخرج العمل في حياكة هذا السهل الممتنع. عادة نسج مثل هذه الأحداث يتعب المشاهد ويجعله في ضياع. وهذه النقطة عالجها حبيب بالكثير من الحنكة وأضفى جمالية في تفجر الاحداث وصناعة الحبكات المتتالية.
من مسلسل كسرة قلب hard broken
لن نأتي على ذكر القصة بتفاصيلها كي لا نحرق الأحداث، خاصة وأن هذه الحكاية مقتضبة ومرصوصة وكلها تسير بخيط رفيع واحد. عندما تقتل ياسمين التحقيق يبدأ مع الأصدقاء المقربين أبطال العمل وهم قلة. لا يوجد حوارات ولا شخصيات ولا أحداث مترهلة أو متفرعة بل كل شيء يصب في وعاء واحد هو الجريمة، ومحتوى هذا الوعاء هو الذي سيفجر المكونات كمحلول كيميائي عاصف ويفضح كل شخص على حقيقته.
الممثلون أبدعوا
لا بد من التنويه بأداء المحقق رودريغ سليمان، الذي أعطى الدور ذروته في الملامح والصوت وكل ما يلزم ليكون شخصية محورية وحقيقية. وكذلك طلال الجردي بدور يوسف سيكشف لنا مدى براعته وكيف انسكب بثوب جديد وغريب وأعطى الشخصية سمات فيها من الصدقية والجاذبية الكثير. أما الممثل السعودي مهند الحمدي "أدم" فسنراه بكل عقده وتلفه الداخلي ونظراته المخيفة تاركاً في اذهاننا صورة سوداوية عن محياها، واشمئزازاً نجح في إصابتنا.
من مسلسل كسرة قلب hard broken
الشخصية الأروع والاكتشاف المبهر هي دوجا حجازي "لانا" امرأة درامية تستحق هذه الإطلالة العالمية بشكلها وأدائها. نرى أمثالها إلا على الشاشة. فهي المرأة القوية والغامضة والجذابة والجميلة. تكتب النص والحوارات بكل ما ملكت وبعد ذلك يأتي الورق كمساعد لها. وهذا قلما نجده في بطلة إلا إذا كانت مخضرمة وقديرة.
لا يوجد سقطة واحدة عند الممثلين بل كلهم جمعة متآلفة، قدموا أدوارهم بما يليق أن يكونوا ممثلين يصلون إلى كل المشاهدين في الدنيا.
الأحداث تصنع النّص
لا يمت هذا العمل إلى واقع وتاريخ الانسان العربي بالذات. بل ينتمي إلى الإنسانية بشكل عام. لذا بيكاره واسع ويمكن أن يصيب كل مشاهد أينما كان.
فهو يعالج الجريمة دون عودة إلى التقاليد والأعراف والفكر المعهود في مجتمعنا. يعالج الإنسان من الداخل بخيانته ورذيلته وتعقيداته وأمراضه النفسية وحبه للمال والانتهازية التي هو عليها. وكل هذه تبدو واحدة عند البشر بكافة انتماءاتهم. إضافة في المعالجة ليصيب مسلسل "كسرة قلب" كل مشاهد من أي خلفية كان.
من مسلسل كسرة قلب hard broken
أما النص فمقتضب وموجز والاحداث هي التي تصنع النص. لا يوجد تلك الحوارات العميقة أو الكلام الذي يمكن أن يأخذنا نحو أفكار جليلة. سوى جملة واحدة مرت في كل العمل يمكن أن نعوّل عليها كلمعة إبداع وهي أن "الانتقام لا يؤخذ إلا بارداً".
كان من المفيد أن يكون الحوار له أعماق وفيه كلام ذو قيمة، خاصة وأن الأبطال يتحملون مثل هذا النص المورق طالما هم من رجال الأعمال والأطباء والمحامين وليسوا أناساً عاديين وبسطاء، لغتهم كان يجب أن يكون لها عبق ما.
العمل الذي يعرض على المنصة العالمية نتفليكس يعطي قبان الدراما اللبنانية قيمة ووزناً أكبر ويمنح "إيغلز فيلمز" منتجة العمل تحديا ناجحا .
«كسرة قلب» hard brokenإخراج إيلي ف. حبيب، تأليف أحمد عادل، بطولة عدد من الممثلين اللبنانيين دوجا حجازي، وطلال الجردي، ورودريغ سليمان، وإيلي متري، وغنوى محمود وغيرهم، إلى جانب الممثل السعودي مهند الحمدي، والسورية رشا بلال.