TRENDING
خاص هواكم - عامٌ على غياب

جيزيل خوري إعلامية طورت نفسها حتى الرمق الأخير،.. هكذا أغنت مسيرتها المهنية منذ انطلاقتها كنحلة نشيطة تنثر رحيق الكلمة وروحية الخبر، في خلطة فريدة فرضت قواعدها الجديدة في عالم الحوار..

من فكرةٍ الى اخرى، من برنامج لآخر تتنقلت خوري عبر منابر التلفزيون والمنصات بخبرات تتراكم وأرشيف تتزاحم فيه أسماء ضيوف ساهمت تصريحاتهم بتوثيق وتأريخ مراحل دقيقة من عمر لبنان وبلدان العالم العربي.

عام 2005، اختارتها صحيفة "نيو يورك تايمز" الأميركية، من بين أفضل ثماني إعلاميات يعملن في المجال التلفزيوني، وتحديدًا الأخبار والبرامج السياسية في العالم.

ونظرا لجهودها الواسعة في دعم حرية الرأي والتعبير، كرّمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عام 2019، كما كرمها الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند عام 2011.

وفي عام 2023 أعلن السفير الفرنسي في لبنان هيرفي ماغرو عبر حسابه الخاص بمنصة X، (تويتر سابقا)، منح الإعلامية الجائزة الألمانية الفرنسيّة لحقوق الإنسان لعام 2023.

وما بين ولادتها الإعلامية ورحيلها مشوار غني بدأته عام 1986 على قناة "LBC"، حيث استضافت عددًا من رؤساء الدول والسياسيين والشخصيات الثقافية اللامعة في العالم العربي.

بعدها، حققت خوري انطلاقة جديدة مع قناة "العربية" في برنامج حواري أسبوعي سياسي "بالعربي"، قدمته على مدار عشر سنوات بين عامي 2003 و 2013. ثم انتقلت إلى قناة "بي بي سي عربية"، عام 2013 لتقديم برنامج "المشهد" الحواري، وفيه قابلت العديد من السياسيين والمفكرين على مستوى العالم.

وفي تصريحات صحفية عقب وفاتها، قال موظفو "BBC" الذين تعاونوا معها إنهم اكتسبوا خبرات إعلامية كبيرة من جيزيل القادرة على محاورة رئيس دولة أو نازح، أو طفل بنفس القوة والتأثير، بفضل مهنيتها وخبرتها الواسعة التي اختمرت عبر سنوات الغنية بنشاط دائم.


سافرت خوري إلى بلدان مختلفة للقاء شخصيات عربية ودَولية وأجرت حوارات مهمة عن الأحداث التي شكلت التاريخ في منطقة الشرق الأوسط.

وكانت محطتها الأخيرة على قناة سكاي نيوز عربية، التي أطلت عبر شاشتها عام 2020، في برنامج يحمل اسمها "مع جيزيل"، شكّلت من خلاله_ بشهادة المراقبين_ نقطةَ تحوُّل في نمط البرامج الحوارية.

انتُخِبت جيزيل خوري عضوًا في مجلس إدارة المنتدى العالمي لتطوير الإعلام بين 2016 و2020، وعضوًا في لجنة تحكيم جائزة "غيلرمو كانو" لحرية الصِّحافة التي تمنحها اليونسكو.

وحملت قضية زوجها الإعلامي سمير قصير الذي اغتيل عقب ثورة الأرز اللبنانية خوفًا من حضوره الفاعل كمؤسس لليسار الديمقراطي، فأخذت على عاتقها أمانة ترويج أفكاره، وأسست بمساعدة الأصدقاء والعائلة "مؤسسة سمير قصير" عام 2006. وهي مؤسسة غير ربحية تسعى إلى نشر ثقافة الديمقراطية في لبنان والعالم العربي وتشجيع الحرِّيات. ثم أسَّست عام 2008 "مركز سكايز" للدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية، وهو من أبرز المنظمات المدافعة عن حرية التعبير والعاملة في مجال تطوير الإعلام في دول المشرق.

حملت جيزيل قضيةَ حرية الصِّحافة إلى المحافل العالمية الدَّولية، عبر رسالة زوجها، فنجحت بدفع الاتحاد الأوروبي لإطلاق "جائزة سمير قصير لحرِّية الصِّحافة" عام 2006، لتصبح اليوم أكثرَ جوائز الصِّحافة جذبًا للصحفيين العرب.

نشأتها
وُلدت جيزيل قزي (خوري) في الأشرفية بالعاصمة اللبنانية بيروت عام 1961، لأسرة ترجع إلى بلدة العقيبة الساحلية في قضاء كسروان شمال بيروت. درست التاريخ في جامعة روح القدس- الكسليك. ودرست الإعلام في الجامعة اللبنانية.
تزوَّجت في سن العشرين من الطبيب إيلي خوري، واحتفظت بلقب أسرته. ولها منه ولدان هما مروان و رنا.



حبٌ كبير
أما عن زواجها بالصحفيَّ والكاتب والمؤرخ سمير قصير، فقد تبادلا العهود بعد قصَّة حب كبيرة جمعتهما، حتى اغتياله في 2 حزيران (يونيو) 2005.
وكانت أغنيتهما المشتركة "عيناك ليال صيفية" للسيدة ماجدة الرومي، التي أصبحت بالنسبة لها كترنيمة حب ترددها بعد رحيله..

عامٌ مرّ على رحيل جزيل خوري، لكن بصماتها باقية في نهج تطوير مهنية الإعلام ونهج الحوارات، بعيدا عن التسطيح والتسخيف..

رحلت جيزيل مع دخول المنطقة في دوامة حرب أدخلت الشرق الأوسط على سكة ضبابية.. تُرى، لو قُدّر لها أن تعيش اليوم، ماذا كانت جيزل ستقول في توصيف آلة القتل والدمار، وكيف ستتعامل مع ازدواجية معايير الغرب وسط شعاراته التي تنادي بحقوق الحيوان والحريات والديمقراطية بينما تدعم العدوان الغاشم على لبنان وجواره..

جيزيل خوري، لُقِبَت بـ"سيدة الحوار" والتاريخ سيذكرها حتمًا كعلامة فارقة طورت نهج برامج الـTalk Show بمقدماتها الموجزة وأسئلتها الجريئة،.. وهي قمر الإعلام الذي تفتقده منابر الموضوعية، كلما لفّت الليلة الظلماء سماء لبنان الوطن..

يقرأون الآن