على الرغم من موهبة الفنانة هيفاء وهبي في التمثيل التي أثنى عليها كبار النّقاد، لم تكن مسيرة النجمة اللبنانية في السينما المصريّة ميّسرة، إذ أنّها كلما أطلقت فيلماً طاردتها مشاكل، حتّى أنّ سوء الطالع بات لصيقاً بأفلامها، رغم حسن اختيارها لأدوارها، وتنوّع الأفلام التي قدّمتها.
وفي السنوات الأخيرة، صنّفت الفنانة بأنها "صاحبة الرصيد الأكبر من المشاكل"، فمرة يتم منع عرض فيلمها "حلاوة روح"، ومرّة أخرى يدفع فيلمها "أشباح أوروبا" ضريبة خلافاتها مع مدير أعمالها السابق محمد وزيري. وأخيرًا، تم منع فيلمها "رمسيس باريس" من العرض على أي منصة أو قاعة سينما بحكمٍ قضائيٍ، قبل أن تسوّى الخلافات، التي أضاعت على الفنانة وجمهورها فرحتهم بالعمل الجديد.
فكيف كانت مسيرة هيفاء وهبي في السينما المصرية؟
هيفاء وهبي و"دكان شحاتة"
خاض فيلم "دكان شحاتة" عام 2009 معركة كبرى بين صنّاعه والرقابة على المصنفات الفنية كان محورها دور هيفاء وهبي الذي وصف بالجريء وغير المعتاد من صناع السينما المصرية. وظل تصريح عرض الفيلم معلقًا حتى اللحظات الأخيرة.
وبعد صدوره تحركت الجهات نحو القضاء المختصّ لإصدار قرار بوقف عرض الفيلم. إلا أنّ الفيلم رغم كل المشاكل التي اعترضته، كان بوابة عبور للفنانة إلى عالم التمثيل، أثبتت أنّها ممثلة من طراز خاص، أثنى النقاد على دورها، فكسب المخرج خالد يوسف رهانه عليها.
هيفاء وهبي و "حلاوة روح"
عام 2014، حملت هيفاء وهبي رسميًا لقب "نجمة شباك" السينما المصرية، بعد نجاحها في فيلم "حلاوة روح". ولكن لم تكتمل فرحتها بسبب مشهد يجمعها بالطفل كريم الأبنودي داخل أحداث العمل، ما استدعى تدخل عدّة جهات معنية بحقوق الأطفال، للمطالبة بمنع عرض الفيلم، ليصدر قرار غير مسبوق في تاريخ الفن المصري، حيث تدخل رئيس الوزراء إبراهيم محلب بنفسه ومنع عرض الفيلم، إلى حين تقديم الرقابة تقريرها عنه.
وتسبب القرار في تبعات بدأت باستقالة رئيس المصنفات الفنية أحمد العوضي، وبحملة واسعة من فنانين ضد أفلام الإثارة، فيما أطلق آخرون حملة عكسية، تخوفًا من أن يكون القرار بداية لتدخل الحكومة والسياسة في الابداع الفني والسينمائي، وبداية لسحب صلاحيات هيئة الرقابة على المصنفات الفنية.
وإعتبرت وهبي وقف عرض الفيلم، قرارًا يستهدفها شخصيًا، وأنها توقعت القرار، في ظل الهجوم غير المبرر على الفيلم، حتى قبل طرحه في دور العرض، بهدف النيل منها شخصيا، واصفةً الحملة بأنّها "غير موضوعية".
"أشباح أوروبا"..هيفاء وهبي تتدخّل شخصيًا لمنع عرضه
بدأ تصوير فيلم "أشباح أوروبا" عام 2019 كبداية لأعمال شركة إنتاج يمتلكها مدير أعمالها السابق محمد وزيري. وتم اختيار نخبة من النجوم لمشاركتها بطولة الفيلم ومن بينهم مصطفى خاطر وأروى جودة وباسم سمرة وأحمد الفيشاوي، وتوقع الجميع أن يحقق الفيلم نجاحًا كبيرًا فور عرضه.
ولكن، تدخلت هيفاء نفسها لمنع عرض الفيلم بعد إشتعال الخلافات بينها وبين وزيري وقدمت شكوى رسمية قالت فيها إنها لم تحصل على أجرها، وبعدها تم حبس وزيري مدانا بخيانة الأمانة والسطو على أموال هيفاء. وبعد طرحه لم يحقق النجاح المطلوب.
ماذا عن أصداء "رمسيس باريس"؟
خُطّط لفيلم "رمسيس باريس" ليكون أقوى عودة للنجمة اللبنانية الى الشاشة المصرية، عبر انتاجٍ ضخمٍ سمح بتصوير المشاهد الخارجية في باريس، ومصمم معارك محترف، وكان من المخطط الاستعانة بنجوم عرب من المقيمين في فرنسا. وتم التنسيق مع الفنان بي بي ناصري للمشاركة.
ولكن، بعد تصوير عدة مشاهد وجدت الشركة المنتجة أن الأجر المطلوب "أكبر من قدراتها" فلجأت لحل كارثي، وهو الاستعانة بشبيه له، مع عرض المشاهد الحقيقية التي تم تصويرها بالفعل، ولم يجد ناصري حلا إلا التقدم بشكوى إلى القضاء المصري، الذي قضى بحكم نهائي يحمل رقم 74 لسنة 2023 بوقف عرض فيلم "رمسيس باريس" سواء عبر قاعات السينما أو حتى المنصات الرقمية.
وبعد تسوية أوضاعه قانونياً، أبصر الفيلم النّور، وحققت هيفاء نجاحاً جماهيرياً عوّض بعضاً من خيبات الأمل التي منيت بها جراء المشاكل القانونية التي أقحمت فيها رغماً عنها.
وينتظر محبو هيفاء عودتها إلى الدراما التلفزيونية التي تألقت فيها، وأصبحت نجمة دائمة في دراما رمضان، قبل أن يأتي كورونا في شتاء 2020، ويؤجّل مسلسلها "أسود فاتح" إلى ما بعد العرض الرمضاني، وبعده لم تقدّم هيفاء أي جديد في الدراما وباتت وجهتها السينما، رغم كل المعوقات التي واجهتها.