نجح باسم يوسف بدقائق قليلة باختصار كل الوضع، وجمع كل أشلاء الصورة، فأقام الدنيا ولم يقعدها في لقاء مع الإعلامي البريطاني بيرس مورغان.
لم يستطع مورغان تحمّله فقطع المقابلة. يوسف الخبير في فن الكلام والذي يعرف كيف يغلّف الحقيقة بالمرارة الساخرة. تكلّم كمواطن عربي فاستفز المذيع الذي لم يعرف كيف يقود الحوار، حوّله يوسف بأسئلته إلى مذيع فارغ الجعبة ومتحيّز.
أساليب متلوّنة بتهكّم ذكي
هوّن باسم المسألة على مُضيفه فانتحل شخصية مواطن إسرائيلي وراح يكيل لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فقال: «شاهدت مقابلة مع داني أيالون، كان مستشاراً وسفير إسرائيل في الولايات المتحدة، وهل تعلم ما قاله؟ قال إنّ الحلّ بالنسبة إلى هؤلاء الفلسطينيين هو الذهاب إلى أرض سيناء الواسعة، والعيش هناك موقتاً، في مدن مخيّمات... مؤقتاً حتى نبني غزة مجدّداً، ومن ثَمّ ندعوكم مجدّداً... أحّا عُبط احنا بقى... رأينا هذا الفيلم من قبل».
لم يعجب المذيع بأسلوب باسم المُدّعم بالحقائق وبسرعة بديهيته التي وضعته في موقف حرج. فهون باسم عليه المسألة وتقمص هذه المرة كمواطن أميركي وراح يسأل عن المليارات التي يتم تحويلها من خزينة الدولة الأمريكية إلى إسرائيل شهرياً والتي تدفع من جيوب الأمريكان.
باسم ليس مجرد إعلامي فهو لا يشبه أحد يحكي الجدية بطريقة ساخرة يظهر الحقيقة من خلف لثام شفاف تظهر العيوب بتهكم. هو ليس فقط طبيب جراح إنه شخصية فذة وذكية وأكثر من هذا هو شجاع. أسلوبه ملتوي قادر على المواجهة بتلك الخفة والتهكم الجارح فلا تقدر على أدانته ولا تقدر على رفضه.
كان باسم يوسف ثقيلاً على المحطات المحلية فلم تحتمل وزنته فهاجمته واستغنت عنه. فقال كلمته على منابره الخاصة فصار نجم الكلام والثائر الذي لا يهاب أحداً فكبرت شعبيته وبات صوت الناس.
لا يوجد أسلوب واحد لباسم بل هو يغير أسلوبه كل مرة يظهر كمتواطئ ومن ثم ينبري في ساحة الرفض. وهذا ما فعله في لقائه مع بيرس فقال: "أنا أدين "حماس"، وهي سبب كلّ الشرّ والمشكلات هناك، ولنا أن نتخيّل العالم من دون "حماس". لكن دعني أذهب معك أبعد من ذلك. في الضفة الغربية لا يوجد سيطرة لـ حماس، ومنذ احتلال الضفة الغربية قتل أكثر من 7000 فلسطيني... لا مهرجان موسيقى، لا طيران شراعي، لا حماس!".
ابتسامة بأنياب الحادة
هذه الشخصية القيادية التي اختارتها مجلة تايم كواحد من "أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم". ليس لسبب سوى أنه قادر أن يقول كلمته وتترك أثراً حتى ولو قيلت من غرفة غسيل، كما كان يفعل باسم في برنامجه the B show الذي كان يصوره في تلك الغرفة لمدة خمس دقائق واستطاع أن يكون صوته صدى الملايين في مصر.
لا يبالغ باسم يوسف في أدائه بل يتسلح دوماً بتلك الابتسامة الواثقة ذات الأنياب الحادة، التي تحمل في طياتها كل قدح وذم دون أن يترنح على حافة الابتذال. قوته في منطقه الفريد الذي يعري الرسالة ويظهرها على عيوبها دون أن يقع في فخ اللا مقبول. فإن شتم تكون شتيمته أقل وطأة من الحدث المفزع أو الجريمة الشنيعة.
الدعابة المبطنة بالفضيحة
في حديثه الأخير الذي أثار جلبة على وسائل التواصل الاجتماعي قال : "في الأيام الأخيرة فقدنا أنا وزوجتي التواصل مع أهلها في غـزة فهي فلسطينية، لكن لا داعي للقلق نحن اعتدنا ذلك، فاعتدنا أن يتم انهاء حياة الناس هناك ثم يتم تهجيرهم فهو أمر معتاد، ولكن في الحقيقة هم لا يموتون ويستمرون في العيش.. أعلم ذلك جيدًا لأنني متزوج واحدة." واضاف مداعبًا: " انا نفسي حاولت انهاء حياتها عدة مرات وفشلت".
فجاوبه بيرس مورجان قائلًا: "أتفهم دعابتك السوداء يا باسم"، فأفرج باسم عن سلاطته الحادة على الهواء قائلًا: "لا لا ليست دعابة فهي حقيقة لقد حاولتُ التخلص من زوجتي عدة مرات، ولكن في كل مرة كانت تستخدم أولادنا كدرع حامٍ لها، فهو ما يفعله الفلسطينيون بحسب وسائل إعلامكم.. صحيح! فالعلاقة مع إسرائيل مثل علاقة مع سيدة نرجسية تأذي بوحشية ثم تبكي وتصوّت وتلومك."
لم يتحمل بيرس مبرد لسان باسم فأغلق معه الهواء وقبل أن يرحل هذا الأخير حمل هاتفه وعرض صورة لبيت مهدم وقال عائلة زوجتي بخير وهذا هو منزلهم الذي يصلح لعيد الهالويين.
يكفي أن أعلاميا واحدا استطاع أن يقلب الرأي العام العالمي ضد هذه الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني في لقاء حكت عنه جميع القنوات العالمية.