تحل اليوم الذكرى العاشرة لرحيل الفنانة فاتن حمامة، وبعيداً عن أنها واحدة من أهم النجمات في تاريخ السينما المصرية إذ يصنفها كثيرون على أنها الأكثر موهبة وذكاء لتمكنها من اختيار أدوارها بحرفية شديدة، ما جعلها تكتسب لقب "سيدة الشاشة العربية" كان لها حياة خاصة مميزة للغاية ارتبطت فيها بثلاث زيجات، اثنتان منها من داخل الوسط الفني وآخرها من خارجه.
عز الدين ذو الفقار
تزوج عز الدين ذو الفقار فاتن حمامة قبل 60 عاما في نيسان / أبريل 1948 بعد قصة حب كبيرة بدأت مع ثانى عمل سينمائى يجمعهما فيلم "خلود"، وهو الفيلم الوحيد الذى شارك عز فى تمثيله إلى جانب إخراجه.. بعد عامين من لقائهما الأول في فيلم "أبوزيد الهلالي" عام 1946، وعاشا معاً 6 سنوات أنجبا خلالها ابنتهما نادية.
عمل الثنائي معًا أثناء زواجهما في مجموعة من أهم الأفلام أبرزها "موعد مع الحياة"، و"موعد مع السعادة".
عمر الشريف
الزيجة التى جعلت الثنائي من أبرز الثنائيات فى تاريخ الوسط الفني، بل وأبرزه، ورغم انفصالهما إلا أن الجمهور ظل يربطهما معاً، وذلك على خلفية سنوات الزواج من 1955 حتى عام 1974، إلا أن العلاقة انتهت بالانفصال على خلفية تركيز عمر الشريف على العالمية وأفلامه الناجحة في الخارج، لتطلب فاتن حمامة الانفصال.
محمد عبد الوهاب
رغم أن الزواج كان عام 1975 وعاشت معه حتى وفاتها عام 2015، أي ما يوازي 40 عاما، إلا أنه انزوى بعيداً أمام عشق جمهور فاتن حمامة وعمر الشريف لقصتهما بإعادة إحيائها فى كل مناسبة، حتى في حياة النجمين بعد الانفصال، فلا يخلو احتفال بعيد ميلادها أو مناسبة حوار مع عمر الشريف إلا ويتم سؤاله عن حب عمره، الأمر الذي لم يؤثر على علاقتها بـ زوجها محمد عبد الوهاب على الإطلاق لتبقى قصة الحب ثابتة في وجه أمواج الزيجة السابقة التي لم يرغب الجمهور في تصديق انتهائها أبداً.
وطوال هذه المسيرة لم تتحمّس فاتن حمامة لفكرة كتابة مذكراتها رغم ثراء تلك الحياة وتشابكها مع كثير من الملفات المهمة في تاريخ مصر المعاصر حتى بعيداً من الحياة الفنية، ربما تكون قد حكت وروت، شرحتْ واستفاضت في حوارات مطولة، لكنها رفضت في عقديها الأخيرين بالذات أي محاولة في سبيل إقناعها بتلك الفكرة، فيما سارع آخرون من رموز الفكر والفن والسياسة في العالم العربي إلى كتابة مذكراتهم أو حتى تقديمها في حلقات تلفزيونية. بل وتصدت فاتن وأسرتها لمن حاول الادعاء بأنه يملك مذكراتها، ووصل الأمر إلى اللجوء للقضاء وأوقفت نشر كتاب ادعى أنه يحمل مذكراتها. لهذا تبقى مذكراتها التي أملتها لمجلة "الكواكب" العام 1956 هي تجربتها الأكثر وضوحاً وتماسكاً، والمحاولة الوحيدة التي تحمل موافقتها، وتكشف فيها فاتن حمامة جوانب خفية من حياتها الفنية والشخصية لا يعلمها عنها الكثيرون. تقول فاتن في الحلقة الأولى من من مذكراتها:
لماذا أكتب مذكراتي؟
كان هذا هو السؤال الذي وجهته إلى نفسي أكثر من مرة، وقد بقى طويلاً بلا إجابة شافية حتى قرأت ما كتبه مفكر فرنسي شهير هو بليز باسكال، فوجدت فيه الإقناع القوي، وتناولت بعده القلم لأصوِّر فصول حياتي الماضية كما مرت بي تماماً.
يقول باسكال: "إن الماضي هو الرصيد الذي أدخره الأمس بحرص لينفقه الغد في حذر، هو مزيج من التجربة والخطأ، هو معاول تمهد الأرض التي أتعبتنا لنعود إلى السير عليها بلا مشقة، وليسير عليها مَن يجىء بعدنا في يسر".
ماضينا إذن، كما تخيله باسكال، وكما تقدمه المذكرات الشخصية، مجموعة من المصابيح الهادية نتركها وراءنا لتنير الطريق، طريق الغد.. فإلى مَن ينضم إلى أسرة السينما بعدنا، وإلى مَن يهمه من أمرنا الكثير، أقدّم أنا فاتن حمامة هذه الصفحات من كتاب حياتي... وهي صفحات كتبها الكفاح. وصورتها الصراحة المطلقة. ورتبها بمعرفته القدر!!
حياتها ورحلتها الفنية
ولدت فاتن حمامة في 27 أيار/ مايو 1931 بحي عابدين في القاهرة، لكنها قُيدت رسميًا في مدينة السنبلاوين بمحافظة الدقهلية.
وبدأت موهبتها في الظهور منذ طفولتها المبكرة، عندما أخذها والدها لمشاهدة فيلم من بطولة آسيا داغر، لتشعر وكأن التصفيق الموجه للممثلين كان لها.
هذا الشعور ألهمها ليصبح الحلم حقيقيًا، حيث فازت في مسابقة "أجمل طفلة في مصر"، ما دفع والدها لإرسال صورتها إلى المخرج محمد كريم.
رآها محمد كريم موهبة فريدة، وأشركها في فيلم "يوم سعيد" عام 1940 أمام الموسيقار محمد عبد الوهاب، وهي لم تتجاوز التاسعة من عمرها، لتبدأ بذلك مسيرة فنية استثنائية لم تعرف الانقطاع.
مع بداية الأربعينيات، قدمت فاتن حمامة أدوار الفتاة البريئة، لكنها سرعان ما تحولت إلى تقديم شخصيات واقعية تعكس قضايا المجتمع في الخمسينيات.
فيلم "الأستاذة فاطمة" عام 1952، الذي جسدت فيه طالبة حقوق تدافع عن قضايا المساواة، كان بداية لمرحلة جديدة في مسيرتها الفنية.
ثم جاء فيلم "صراع في الوادي" عام 1954، ليؤكد قدرتها على تجسيد شخصيات تطرح قضايا مثل الفقر والعدالة الاجتماعية، مقدمة بذلك دورًا رئيسيًا في بزوغ تيار الواقعية في السينما المصرية.
قدمت فاتن حمامة مجموعة من الأعمال التي شكلت علامات بارزة في تاريخ السينما المصرية والعربية. من أبرزها فيلم دعاء الكروان (1959) المقتبس عن رواية طه حسين، والذي يعد من أهم الأعمال التي ناقشت قضايا المرأة بعمق وجرأة. كما قدمت فيلم بين الأطلال (1959) الذي حقق نجاحًا كبيرًا على المستوى الجماهيري والنقدي.
وتعاونت مع كبار المخرجين مثل يوسف شاهين، صلاح أبو سيف، وعز الدين ذو الفقار، وشاركت في أعمال مثل "لك يوم يا ظالم" (1952)، الذي يُعد من أبرز أفلام الواقعية الجديدة. ونالت أفلامها العديد من الجوائز الدولية، واختير العديد منها ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.
بعد سنوات من الغياب، عادت فاتن حمامة في عام 2000 من خلال المسلسل التلفزيوني "وجه القمر"، الذي ناقش قضايا اجتماعية وسياسية هامة، أبرزها الانتفاضة الفلسطينية.
وأثار المسلسل جدلًا إعلاميًا كبيرًا؛ بسبب تدخلها في تفاصيل العمل، وفقًا للمؤلفة ماجدة خير الله. ومع ذلك، حقق نجاحًا كبيرًا، ونالت عنه جائزة أفضل ممثلة، مما أثبت أن حضورها الفني لا يزال قويًا رغم مرور الزمن.
وقدمت فاتن حمامة فيلم "أريد حلا"، وأسهمت من خلاله في تغيير القوانين، وهو أول فيلم في مصـر عـن الخلع، وذلك من خلال المشهد الذي دار بين فاتن حمامة ووزير العدل، عندما اشتكت للوزير، وقالت له "إن الرسول جاءت له زوجة ثابت بن قيس، وقالت لا أعترض عليه في خلق أو ديـن، وإنما لا أطيقه بغضًا"، فقال ردي عليه حديقته، وكانت مهرها ـ وأمر الرسول بتطليقها.