سلافة معمار " أسيل" قائدة "الخائن"، إن أخفقت أو ضلت طريقها ضاع العمل في الخفوت.
استجمعت قواها ولبست الثوب المنهك، وغرزت سكتها في الأرض الموجعة، وشقت الثلم القويم. فكان عملا شيقا. تتبعناه بتلهف منذ أن قلبت الطاولة على جالسيها. وبدأت تخط رحلة وجعها.
سيدة من حرمان
سيدة من حرمان عاشت اليتم المبكر وحيدة في بلاد الغربة. بنت نفسها وسط الحرمان وعادت لتقترن بحبها، فخانها الزوج الحبيب. وبدأت رحلة الأوجاع وهي تكتم سر معرفتها بالخيانة. لا تريد للخسارة أن تكون جارفة ولديها ابن هو كل حياتها.
أسيل هي محور العمل حولها تدور قصة الخيانة التي تنكشف أفقاً وسماء وأسماء. الكل خانها زوج وأصدقاء وباتت خالية من كل شيء، لا جدار يسندها ولا قلب تثق به تفتح كوة فزعها معه.
أسيل طبيبة عاشت الوحدة منذ طفولتها، وما أن تفتحت بواكير مكانتها حتى اهتز عرشها. فكل حصادها أُحرق على بيادر الانتهازية والخيانة. الزوج لم يخنها وحسب بل أخذ منها كل ما تملكه خلسة. الطفلة التي ورثت تركة أهلها بددها الزوج في مشاريعه الفاشلة. استغلها أبشع استغلال دون حتى أن يعلمها بفعلته. تريد أن تنقذ البقية الباقية.. ابنها التي لم تعد تملك سواه في مشوارها الصعب.
محاطة بالخونة
سلافة معمار تجسد هذه الشخصية المتألمة والناجحة. في وجهها حزن يوزع على الكون وفي عيونها مدّ أخضر لكنه بلا حياة. امرأة تتصارع مع كل من حولها. والكل فاتح أشداقه يريد أن يلتهمها. لكنها ما زالت واقفة برفعة وكبرياء.
الزوج أكلها ناشفة وشرب خلفها الماء واستراح وتركها عارية من كل شيء. الأصدقاء خونة جميعهم، واتضح سفالة سالم الذي يدعي الاهتمام والمساعدة بأنه الأقرب لها، وأذ به يقايضها المساعدة مقابل الاحتفاء بها على أسرة العهر والعبث بجسدها. وهذه وحدها قادرة أن تقوض سيدة تتحلى ببعض الكِبر.
أسيل المهددة في كل شيء ومن قبل الجميع. حملتها سلافة معمار بكامل قوتها. امرأة مهزوزة العصب متوترة على الدوام. الحزن يسكن كل ما فيها. الدمعة مسكنها والتّلطي بالقوة الخيار الذي لا مفر منه حتى لا يفترسها هؤلاء الأشرار الذين حولها.
الأداء المتعب
وسلافة معمار تجسد هذه المرأة الناجحة من جهة والمهزومة من جهة أخرى. المحرومة والمُستغلة بكل ما تملك. فتشرح بأدائها: اللطف والقهر والظلم والوحدة والخوف. وتخرج بطلة عملاقة لا يمكن أن نحيد عن الإعجاب بأدائها الذي اتعبنا كثيراً فكيف هي؟
أسيل امرأة تدرس في معاهد الحياة. تتخبط وتلوي ثم تقوم وتنهض. تنزلق في البحر العميق ثم تجدف نحو شاطئ الخلاص. لا فرح عندها ولا عزاء سوى أنها ناجحة ومستقيمة. فهل سنتنصر في النهاية وهي تحمل كل هذا الحيف الذي أصابها؟
سلافة تمسكنا من قلوبنا كلما حكت يدها. وكلما سالت دمعتها وكيفما تحركت حركتنا. ووضعت سؤال كبير أمام المتفرج. هل هناك من يقدر أن يحتمل كل هذا الحمل المتعب ويبقى متأهباً وشاهقاً. سلافة أعطت المعنى لكل امرأة أصابها هذا المُصاب.
خبيرة في إدارة كوارث الأرواح
نقولها بحب سلافة معمار أعطت الدور قلبها فشعرنا بدقاته. أعطته امتداد خضرة عينيها الفزعة فأفزعنا. دخلنا معها في رجفة شفاهها وثقة خطواتها. لكن فاتنا شيء من تعابير وجهها. فلا بد أن نعترف أننا أحببنا أسيل فيها ولكن كان بالإمكان أن تفجر الشاشة بملامحها وهذا الانفجار فاتنا. تبقى سلافة الحب الذي أمسكنا من ارواحنا وقادنا صوبها حتى بشامة خدها.
يكفي سلافة بأنها كلما أطلّت تشعرنا أننا نريد أن نلفها ونحميها ونسكنها معاقل حبنا. ونريد أن نتعلم منها كيفية الصمود. وكيف تتحلى بهذه البرودة الحارقة وتلك الحكمة الذكية وتلك الروح المقاومة لكل هذا الإجحاف.
ليس سهلاً أن تكون مظلوماً ويتيماً، وتكون ناجحاً ومحباً وواثقاً وباراً. وسلافة قدمت كل هذه الصورة مجبولة بروحها واعطتها رونقا وجمالا، وجعلتها سيدة يحتذى بها في عالم يملأه السوء.
في كل سيدة تعرضت للخيانة شيء من أسيل. لكن من الصعب أن يكون كل هذا التّحمل والصّبر والتصنع بالهدوء موجوداً كما هو عند أسيل. شخصية صعبة مُرهقة تحتاج إلى ممثلة خبيرة في إدارة كوارث الأرواح حتى تجسدها. وقد فعلتها سلافة معمار.