في مثل هذه الأيام تحل الذكرى 28 لرحيل قيثارة الفن العربي ليلى مراد (17 فبراير 1918 - 21 نوفمبر 1995). فنانة أعطت الغناء أهم تركة فنية ونجمة سينمائية تركت أثرها كواحدة من أعظم الفنانات.
تعتبر أيقونة من أيقونات الغناء في الوطن العربي، وصاحبة الأرقام القياسية في السينما من حيث الأجر الذي لم يسبقها إليه أحد. وبالرغم من الشهرة التي حظيت بها كفنانة بقيت أصولها اليهودية محطة تساؤل تشغل الناس في حياتها وبعد رحيلها.
يهودية الأصل عاشت وماتت مسلمة
هي بنت المطرب القدير زكي مراد. واسمها الحقيقي ليليان زكي إبراهيم مراد مردخاي. اعتنقت الإسلام وتعددت الروايات حول سبب إسلامها. مرة قيل إنها أسلمت بسبب أذان الفجر، ومرّة إنها أسلمت على يد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا. ويؤكد البعض إنها ظلّت على الإسلام حتى ماتت عليه.
الزيجات الفاشلة
وعن حياتها الخاصة، تزوجت ليلى مراد ثلاث مرات؛ الأولى من الفنان أنور وجدي في الفترة من 1947 حتى 1953، وأشهرت اسلامها في الأزهر وتطلقت منه بسبب الخيانة.
والثانية من وجيه أباظة، ولم يستمر الزواج سوى عام واحد، صادفت وجيه أباظة، وكانت خارجة من حياة عاصفة وصادمة مع أنور وجدي، فأحبته بصدق، بعدما ساندها في أزماتها ووقف إلى جوارها، لكن أباظة كان من عائلة عريقة فيها الوزراء والسياسيون فكان زواجه منها سريًا وكان يؤلمها غيابه المتكرر عنها.
أنجبت منه ابنها أشرف، وتفرغت إلى تربية ابنها البكر، الذي انتظرت قدومه طويلًا وقد أرغمتها أمومتها على أن تغيب عن السينما والغناء والتفرغ إلى تربية أشرف، وقد انفصلت عن زوجها لإصراره على أن تعتزل الفن.
والزواج الثالث من فطين عبد الوهاب من سنة 1955 حتى 1967وأنجبت منه ابنها زكي فطين عبد الوهاب. كان زواجاً فيه الكثير من عدم التفاهم فكان الطلاق هو المصير المحتوم.
استغلال أنور وجدي
وكشف المخرج الراحل زكي فطين عبد الوهاب نجل الفنانة ليلى مراد خلال لقائه مع برنامج "معكم"، مع منى الشاذلي، عبر فضائية "سي بي سي"، إنه لم يكن يحب أنور وجدي؛ بسبب سيطرته على والدته، متابعًا: "أمي تعذّبت معه كتير".
وأضاف المخرج أنه في البداية لم يحب أنور وجدي؛ بسبب غيرته كطفل على أُمه، لكنه بعدما كبر حَكَت له والدته ما كان يفعله بها، مشيرًا إلى أن ليلى مراد تزوجت أنور وجدي هربًا من سيطرة والدها زكي مراد؛ لكنها وقعت تحت سيطرة أنور وجدي الذي استغلها من أجل تحقيق الشهرة والمال.
بقيت مسلمة حتى أسلمت الروح
طالت الفنانة ليلى مراد شائعة ارتدادها عن الإسلام بعد طلاقها من أنور وجدي؛ الأمر الذي نفاه نجلها زكي فطين عبد الوهاب، مؤكدًا أن والدته كانت دائمة القراءة في المصحف الشريف، وتحرص على الصلوات وأداء فريضة الحج.
الاتهام بالعمالة
لاحقت الشائعات ليلى مراد طوال حياتها وأهمها كان عمالتها لدولة إسرائيل والتبرع لها بالمال. لكنها نفت هذه الشائعات في أكثر من مناسبة؛ ولكن ظلت هذه الشائعة تتردد بقوة، ووَفقًا لمراجع كثيرة وتقارير توضح، فإن ليلى مراد لم تتصل بإسرائيل في حياتها.
بدأت الشائعة من سوريا في شهر سبتمبر عام 1952؛ حيث نشرت مجلة "الكفاح العربي" السورية، أن المطربة المصرية يهودية الأصل ليلى مراد، تبرَّعت لإسرائيل بمبلغ 50 ألف جنيه، في أثناء وجودها في باريس.
دون التأكد من الخبر قررت الدول العربية مقاطعة ليلى مراد سينمائيًّا وغنائيًّا وفي مقدمتها سوريا؛ الأمر الذي أثَّر على إيرادات أفلامها، وكان بمثابة الضربة القاضية لليلى مراد سينمائيًّا؛ حيث لم ينجح أي أفلام لها بعدها.
ليلى مراد عقدت مؤتمرًا صحفيًّا سنة 1952، أكدت فيه أنها عربية مسلمة ولا يمكن أن يربطها أي رباط بدولة زائلة مثل إسرائيل.
الاعتزال المبكر
بعد نحو 27 فيلمًا سينمائيًا، قررت ليلى مراد، اعتزال الفن، تحديدًا عام 1953، بعد إنجابها الابن الثاني أشرف أباظة، لتخوض حياة ربات البيوت، وتوجه طاقتها وتصب اهتماماتها في رعاية أسرتها وتنشئة أبنائها على الأسس السليمة.
وروى الفنان زكي فطين عبد الوهاب، في حوارٍ سابق له مع الإعلامية منى الشاذلي، كواليس اعتزال والدته ليلى مراد، حيث قال إنّ: «والدتي بتحب صورتها أوي، ولما خلفت، قارنت صورتها قبل وبعد، وقررت الابتعاد عن الأضواء والشهرة، والتركيز مع بيتها وأبنائها فقط، بجانب عملها في الإذاعة فقط، دون أي تواجد سينمائي».
تبقى ليلى مراد صاحبة الصوت المخملي الذي عاش في وجدان الملايين وستبقى الفنانة الاستثنائية التي لا تخفت ذكراها.