في واحدة من أكثر صفحات مذكراتها إثارة، روت الفنانة الراحلة ليلى مراد في مذكراتها تجربة لا تُنسى عاشتها خلال أول زيارة لها إلى لبنان، تجربة وصفتها لاحقًا بأنها كانت أقرب إلى "رحلة موت" على طرقات الجبال.
أول زيارة… وطرق تشبه الثعابين
تقول ليلى مراد إنها لم تكن تعرف شيئًا عن طبيعة الطرق الجبلية في لبنان، ولا عن تلك المسارات المتعرجة التي تلتف حول الجبال كالثعابين. وكانت مدعوة لتناول الغداء عند أصدقاء لها في بحمدون، فاستقلت سيارة تاكسي لتقلّها عبر طريق جبلي ضيق وخطير.
سائق يقود وكأنه في سباق
منذ الدقائق الأولى، لاحظت أن سائق التاكسي يقود بسرعة تقارب 80 كيلومترًا في الساعة، رغم أن الطريق بالكاد يتسع لمرور سيارتين. حاولت مرارًا إقناعه بتهدئة السرعة، مؤكدة أن الوقت يسمح، خاصة أن الطريق كثير الالتواء ويستحيل رؤية السيارات القادمة من الاتجاه المقابل. لكن السائق كان يهدئ من روعها أحيانًا، ويتجاهل اعتراضها أحيانًا أخرى، إلى أن ضاق ذرعًا بتوسلاتها.
بدك توصلي ولا تعلّميني السواقة؟
فجأة أوقف السائق السيارة، والتفت إليها غاضبًا قائلًا: «شو بدك يا مدام… بتريدي توصلي ولا بتعلميني كيف بسوق السيارة؟». عندها أخرجت ليلى مراد رأسها من نافذة السيارة لتكتشف المفاجأة المرعبة.
على حافة الهاوية
كانت السيارة متوقفة في مكان ضيق للغاية، وقد استقرت عجلتاها اليمنى تمامًا على حافة الطريق، المشرفة على هوة سحيقة لا تُرى نهايتها. تؤكد ليلى مراد أنها لم تستطع تمييز معالم الأرض في الأسفل، وأن أي اهتزاز بسيط أو انحراف بمقدار سنتيمتر واحد كان كفيلًا بإسقاط السيارة في الوادي. لم تتمالك نفسها وبدأت تصرخ من شدة الفزع.
نزول مستحيل… وبقاء أخطر
حاولت النزول من السيارة، لكن السائق ظل ينظر إليها ببرود، ثم قال بهدوء صادم: «كيفك يا مدام… إذا بتحبي تتركي الأوتومبيل أنا تحت أمرك». عندها أدركت أن النزول في تلك البقعة أخطر من البقاء داخل السيارة، فعادت إلى مقعدها، وتوسلت إليه أن يبتعد قليلًا عن حافة الطريق.
إغماء حتى الوصول إلى بحمدون
استأنف السائق القيادة بنفس السرعة، ومع كل متر كانت الهوة تبدو لها، على حد وصفها، كوحش هائل يفتح فاه لابتلاع السيارة. لم تتحمل المشهد، فأغمي عليها، ولم تستفق إلا عند الوصول إلى بحمدون.
شهادة إنسانية من ذاكرة فنانة
هذه القصة، الواردة في مذكرات الفنانة الراحلة ليلى مراد، تكشف جانبًا إنسانيًا نادرًا من حياتها بعيدًا عن الأضواء، وتعكس مزيجًا من الرعب والدهشة في أول لقاء لها مع طبيعة لبنان الجبلية.