تبدأ الإثنين أولى جلسات محاكمة مغني الراب الأمريكي شون "ديدي" كومز، بتهم تتعلق بتوظيف إمبراطوريته الموسيقية ضمن منظومة منظمة للاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر.
يُتّهم كومز، البالغ من العمر 55 عامًا، بإدارة شبكة عنيفة تشمل الخطف، ونقل الأشخاص للدعارة، وأعمال عنف تندرج تحت تهم موجهة عادة للمنظمات الإجرامية.
أسس كومز شركة "باد بوي ريكوردس"، التي أنتجت أعمالًا لفنانين بارزين بينهم "ذي نوتوريوس بيغ" الذي قُتل في لوس أنجليس سنة 1997، والمغنية ماري جي بلايج. وتُعتبر هذه المحاكمة من أبرز القضايا التي تُنظر فيها المحاكم الأميركية هذا العام، إذ يُواجه كومز إمكانية السجن مدى الحياة.
المغني الشهير، الذي جمع ثروته منذ تسعينيات القرن العشرين من خلال الموسيقى والمشروبات الكحولية، يخضع أيضًا لملاحقات مدنية تتعلق بالعنف الجنسي من أكثر من مئة شخص من الرجال والنساء. ومنذ ثمانية أشهر، يقبع كومز في السجن، وقد رفض التوصل إلى اتفاق مع النيابة العامة لتفادي المحاكمة، متمسكًا ببراءته. ولم يُكشف عن تفاصيل العرض القضائي الذي رفضه.
تنطلق المحاكمة يوم الإثنين 5 مايو/ أيار 2025، عند الساعة 8:30 صباحًا بالتوقيت المحلي (12:30 بتوقيت غرينتش) في محكمة مانهاتن الفدرالية بنيويورك ، باختيار هيئة المحلفين، وهي مرحلة قد تستمر أسبوعًا كاملًا قبل المضي في تفاصيل القضية. ويدافع كومز عن نفسه بالقول إن العلاقات الجنسية التي أقامها كانت تتم برضا الطرفين، وهو الموقف ذاته الذي تبناه محاميه مارك أغنيفيلو.
تفاصيل تنظيم "فريك-أوفس"
وفقًا للائحة الاتهام، فإن الجرائم المرتبطة بالقضية وقعت بين عامي 2004 و2024، وشملت تنظيم جلسات جنسية تُعرف باسم "فريك-أوفس"، حيث كانت تُمارس خلالها أفعال مدفوعة بتعاطي المخدرات، وأُجبرت نساء على إقامة علاقات طويلة الأمد مع من يعملون في الجنس. وورد في الوثائق القضائية أن كومز كان يوجّه المشاهد المسجلة أحيانًا، والتي وُصفت بأنها عنيفة وتحمل طابعًا تهديديًا.
ولم تُعلن أسماء المتواطئين المحتملين، إذ يُعد كومز المتهم الوحيد في القضية حتى الآن. وأشار المدعي العام الفيدرالي في مانهاتن إلى تورط آخرين دون تحديد هويتهم.
ردود الفعل في القطاع الموسيقي
شكّلت هذه القضية صدمة في قطاع الموسيقى الأميركي، الذي بقي بعيدًا إلى حد ما عن موجة الاتهامات الجنسية التي ظهرت خلال حركة "مي تو"، باستثناء قضية المغني آر. كيلي، الذي أُدين عام 2022 بالسجن لمدة 30 عامًا بعد إدانته بارتكاب جرائم جنسية.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، أعربت كارولاين هيلدمان، المؤسسة المشاركة لمنظمة "ساوند أوف كواليشن" المناهضة للعنف الجنسي في صناعة الموسيقى، عن أملها في أن تدفع هذه القضية المزيد من الضحايا للتقدم بشكاوى، مؤكدة أن قطاع الموسيقى لا يزال بيئة تختلط فيها الشهرة والنفوذ بما يخلق شعورًا بالإفلات من المحاسبة.
ظهر شون كومز كأحد أبرز وجوه موسيقى الهيب هوب على الساحل الشرقي في تسعينيات القرن الماضي، وكان يقيم حفلات فخمة في هامبتنز بلونغ آيلاند شرقي نيويورك، حيث كان يلتقي نجوم الصف الأول. ورغم سمعته المتأرجحة، احتفظ ابن حي هارلم وأب لسبعة أولاد بمكانة بارزة في الوسط الفني.
تجري المحاكمة في نفس اليوم الذي يقام فيه حفل "ميت غالا" الشهير في نيويورك، وهو مناسبة اجتماعية بارزة شارك فيها كومز في نسخة العام 2023 إلى جانب عدد كبير من النجوم.
من المنتظر أن تكون مغنية "آر أند بي" كاسي، التي كانت على علاقة بكومز، إحدى الشهود الرئيسيين في المحاكمة. وقد أظهر مقطع مصوّر التقطته كاميرات المراقبة سنة 2016 ونشرته شبكة "سي إن إن"، تعرّض كاسي للاعتداء على يد كومز في أحد فنادق لوس أنجليس.
وكانت كاسي قد رفعت دعوى مدنية ضده عام 2023، ذكرت فيها أنه اعتدى عليها بالضرب والاغتصاب طوال أكثر من عشر سنوات. وسُويت القضية لاحقًا خارج أروقة المحكمة، إلا أن سلسلة من الشكاوى والاتهامات الجديدة تلاحق شون كومز منذ ذلك الحين.