سكبت يارا كؤوس صوتها الندي في أغنيتها الجديدة "غلط كتير". صوت لا يخيب ولا ينضب، عذوبته تصل حتى إلى المصبّات العكرة.
أغنية الحب المعلّق
"غلط كتير" هي أغنية الحب المعلّق، حب لا يقدر على البقاء ولا يلبس خفّ الرحيل. حملت يارا عذابات محبين افترقوا، فلا هم في نسيان، ولا هم على طريق اللقاء.
أغنية الجرح والوفاء لا تصلح درسًا للحياة، فالأخطاء مرتكبة، والقطيعة واقعة، والصوت يناشد بالغفران.
شيء من الأمومة في سطور هذه الأغنية. الأم وحدها قادرة على غفران كل الأخطاء، حضنها يتسع لكل الخطّاء، ترى أبناءها أطفالًا ولو شابوا، ولو قطعوا السابلة.
"لو غلط كتير شو ما يصير، بوسوا خدّو هيدا بعدو طفل صغير
لو عنّي كان مش سئلان، ببقى بيتو، برّا بيتو برد كتير".
صوت يارا مكرمة
عادت يارا بعد غياب أربع سنوات، والشوق حاضرٌ ينتظر أن يثلج قلبه بلقاء. جاءت هذه الأغنية بأذرع مفتوحة، تقدّم الحب لأولئك التعساء، المسجونين في ماضيهم، تردّهم الذكريات إلى ماضٍ يصعب الفكاك منه، ويعيدهم الصوت النقي إلى زنزانة العذاب دون ذنب، سوى أنهم أحبّوا فبقوا عالقين في بيوت البرد والغربة، حتى ولو رحلوا.
لم يكن كليب الأغنية باذخًا ولا مترفًا. صوت يارا هو المكرمة، ووجهها المسيّج بشبك هو كُنه الحكاية، مع كلمات تبوح بحب لا أمل فيه ولا خلاص منه.
الأغنية الموجّهة
عذوبة يارا طاغية، قادرة على تطويع الحديد وتحويله إلى أسلاك لينة، وهذا ربح على الدوام، حتى لو غنّت أقصوصة أو أنشدت من جريدة.
جاءت "غلط كتير" كأغنية غير جامعة، بل انتقائية موجهة إلى فئة معينة من العاشقين، الذين يبقون — ولو رحلوا — يتذكرون بالرغم من ضرورة النسيان.
رومانسية جدًا، يكفي أن تغرّد يارا من طاقة صغيرة حتى ينتشر صوتها في الأرجاء.
لكن قبول الخذلان صعب، وهذه الأغنية تدعو إلى تقبّله دون عزاء، بل تكرّس القبول بالغلط والعيش في حب تائه مريض، ننام معه بالرغم من فقدانه.
الكلمات الضيقة
اللحن، كما الصوت، شديد الرقة، يسقط في المسام، لكن الكلمات لا ترقى بنسيجها، فهي أشبه بقصة سردية تفتقد طَعم الشعر السلس والصور التي تُبقي كلماتها كالصدى في السمع، باستثناء تلك الردّة التي تقول:
"لو عنّي كان مش سئلان، ببقى بيتو، برّا بيتو برد كتير".
تستحق يارا أغنية تُردّد على كل لسان، لكن هذه الأغنية ضيقة في معناها، تحاكي فقط من يقدر على تحمّل الخذلان، ومن يقبل الغلط ويرضخ لذكرياته المؤلمة.
الأغنية من كلمات: جيلبير أبي نصر
ألحان: ريان برجي
توزيع، مكس وماسترينغ: عباس صباح