TRENDING
عيب خطير في وجه كمال الشناوي كاد أن يدفن مستقبله الفني

من كان يظن أن ملاحظة بسيطة قد تُطفئ وهج حلمٍ في لحظة؟ هذا ما حدث تمامًا مع الفنان المصري الراحل كمال الشناوي، حين أخبره أحد المخرجين بأنه يعاني من "عيب خطير" في وجهه، ما تسبب له في أزمة نفسية كادت تنهي مسيرته الفنية قبل أن تبدأ.


البداية من معهد المعلمين.. والحلم المؤجل

تخرج كمال الشناوي من معهد التربية للمعلمين، وكان يحمل في قلبه شغفًا كبيرًا بالتمثيل، لكن الطريق إلى السينما لم يكن مفروشًا بالورود. وبينما كان يبحث عن فرصة لاختراق هذا العالم المجهول، وصله خطاب تعيين من وزارة المعارف كمدرّس في محافظة الإسكندرية.

تحت ضغط العائلة، التي رأت في مهنة التعليم الأمان والاستقرار، قرر كمال الانصياع مؤقتًا ودفن حلمه الفني، مسافرًا إلى الإسكندرية حيث بدأ عمله كمدرّس.

رسائل إلى زكي طليمات.. وبوادر الأمل

ورغم الغربة، لم ينس كمال حلمه، فظل يتواصل عبر الرسائل مع أستاذه المخرج المسرحي زكي طليمات، الذي سبق أن أخرج له مسرحيات في معهد التربية. وفي إحدى المراسلات، أخبره طليمات بإعادة افتتاح معهد التمثيل، ونصحه بالالتحاق به.

لكن كمال، بحكم ظروفه المادية، ردّ قائلاً إنه لا يقدر على العودة للدراسة من جديد، مؤكداً أنه تعلّم من طليمات أكثر مما قد يتعلمه من أي معهد.

هذا الرد أدى إلى انقطاع الرسائل بينهما لفترة، وهو ما أدخل الشناوي في دوامة من القلق، ظنًّا منه أن أستاذه قد غضب منه. غير أن المراسلات عادت لاحقًا، لتبثّ في نفسه الطمأنينة من جديد.

من أسيوط إلى القاهرة.. فرصة العمر ومفاجأة المخرج

بعد نقله إلى محافظة أسيوط، تلقى كمال رسالة جديدة من طليمات، يخبره فيها بأنه أصبح مستشارًا لشركة إنتاج سينمائي تبحث عن وجوه جديدة. لم يتردد الشناوي، فتقدم بإجازة مرضية، وسافر إلى القاهرة ليقابل المخرج المكلف بتنفيذ العمل.

يحكي كمال أنه وجد المخرج يتحدث عن الفن بشغف يشبه "سيسيل ديميل"، لكنه لم يستطع مجاملته، فعبر عن رأيه بصراحة، وهو ما لم يُعجب المخرج.

في نهاية اللقاء، طلب المخرج من كمال صورًا شخصية، وأصرّ أن يتم التقاطها فورًا داخل مقر الشركة. وبعد التقاط الصور، غادر الشناوي على أمل أن يلقى القبول.

الصدمة: "لديك عيب خطير!"

في اليوم التالي، عاد كمال إلى الشركة، ليُفاجأ بالمخرج يقول له:

"تعرف يا أستاذ كمال؟ لديك عيب خطير في وجهك".

ارتبك كمال وسأله بقلق:

"ما هو؟"

فأجابه المخرج:

"لديك عين كبيرة وأخرى صغيرة".

بدأ المخرج يقلب الصور ويقيس ملامح وجهه كما لو كان مهندسًا معماريًا، بينما كان كمال ينهار داخليًا.


الشك.. ثم اليأس

عاد كمال إلى منزله محطمًا، ووقف أمام المرآة يحاول اكتشاف "العيب"، لكنه لم يجد فرقًا واضحًا بين عينيه. طلب رأي أصدقائه الذين نصحوه بزيارة طبيب عيون. زار أكثر من طبيب، جميعهم أكدوا له أن عينيه طبيعيتان تمامًا. أحدهم حتى صرّح أن هذا الكلام ليس سوى خدعة نفسية من المخرج ربما ليُقصيه لصالح ممثل آخر.

نقطة التحوّل

يقول كمال عن تلك الحادثة في حوار نادر مع مجلة الكواكب:

"هذه الحادثة الصغيرة شحنت نفسي باليأس، وملأت صدري بالغضب. فقررت أن أضرب عرض الحائط بكل أحلام الشاشة، وأن أعود إلى مدرستي وتلاميذي، فقطعت ما بيني وبين الفن من أسباب."

وبالفعل، عاد الشناوي إلى أسيوط، وأغلق الباب مؤقتًا على أحلامه الفنية.

القدر يعيد فتح الأبواب

لكن عجلة الزمن لم تتوقف، فبعد فترة من الانقطاع، عادت الفرصة مجددًا، وهذه المرة لم يكن الطريق مفروشًا بالألغام، بل بالورد. عاد كمال إلى القاهرة، وبدأ خطواته الأولى نحو النجومية، ليصبح لاحقًا واحدًا من أهم نجوم السينما المصرية في القرن العشرين.

يقرأون الآن