TRENDING
بين الجمود والانفعال الميت… ما الذي أصاب باسل خياط؟

هل تكفي كل هذه الوسامة لنقع في حقل الجاذبية؟

باسل خياط، الممثل الذي يدقّ على وتر الرجولة الحلم، تُغرف له القلوب غَرْفًا.

خياط، النجم الذي ننتظره من دون تحديد موعد لقاء، هذا الممثل الذي خطف قلوبنا وبات اسماً نعوّل على أعماله كأنها الأفضل دائمًا.


سافر في ثلاثة أعمال بشخصية واحدة

باسل خياط اليوم هو "آسر" في مسلسل يحمل اسمه، وبالأمس كان "زين" في مسلسل الثمن، و"بحر" في نظرة حب. وبين هؤلاء، لم يغيّر خياط موقعه، بل بقي كما هو. كأنه سافر في رحلة عمرها عامان، ثم عاد إلينا متلبسًا بدور جديد واسم جديد، لا أكثر.

بين آسر وزين وبحر، ثلاثية لا تفترق، تتّحد في كل شيء. وكأن التغيير خيانة. علمًا أن في الفن، التغيير هو الوفاء، والتقمّص هو الولاء، والثبات على شخصية جامدة لا تتغيّر هو الخيانة والنكث بالعهد والمطلوب.


الشخصية الباردة

باسل خياط في آسر يؤدي دورًا من ثلج، بملامح من جليد. حركات باتت محفورة ومحفوظة: لا انفعال، لا اهتزاز، لا صوت يرتج، لا خطوات تتغيّر. شخصية طفولية لدور مبتدئ خجول خائف لا يعرف كيف سيطلّ على الجمهور.

خياط، الذي لم نحفظ من أدائه سوى حركة عيونه الرامشة التي تدمع... أو لا تدمع، لكنه ينشّف دمعةً ما من زاوية حدقته، فنفهم أنه يبكي.

هذا الدور الرئيسي، الذي يمتدّ على تسعين حلقة، يُفترض أن يحمل حضوره ثقل المسلسل، أن يلتهم كل الأدوار، أن يدفعها ويغذيها... أن يكون "الآسر" بكل ما تعنيه الكلمة من رهبة.

لكن خياط لم يكن هنا كما هو متوقع. صاحب اللون الأسود دخل البذلة القاتمة وبقي فيها ضامرًا. لم يجرح اللون، لم يكسر الصمت، بل دخل عمق السكون ولم يخرج بكلمةٍ تُبلّل الجبين أو تخترق القلب وتحفر فيه. لم يترك في الذاكرة سوى الضجر والملل والرتابة.

ظلم نفسه وظلم المشاهد. لم نعد نحب خطواته السريعة، ولا معطفه الطويل، ولا حركة يده النيئة فوق جلد الحياة. شيء من التَصنُّع، يحتاج إلى لسانٍ من لهب حتى يشتعل.


وقعة خياط مدوّية في آسر

وتيرة الصوت الغائرة... هو يُجيد استجلاب صوته من معدته كمغنٍّ، لكنه يبقى على وتيرة واحدة. لا يعلو كسوبرانو، ولا يهبط بجواب، ولا يعرف القرار. ثابت كمحرّك قديم: لا تفاعل، ولا انفعال.

خياط في دور آسر لم يكن بقيمة المتوخّى. ربما هذه الوقعة سببها نصّ ركيك، وهناك خلل واضح يصيب كل الأبطال، لكن الأبطال الحقيقيين خرجوا منتصرين، كخالد القيش، ومجدي مشموشي، وسامر المصري.

أما خياط، فبقي واهن القوى وضعيف الحضور.

خياط لم يغيّر جلده بين آسر والثمن، وكأن الشخصية التي لعبها هناك حملها معه إلى هنا، ينسخ كل شيء ويكرّره.

أبطال الأداء لا يحتاجون نصًا، بل يبتكرونه. يصنعون كلماتهم، يدرزون حوارهم، يؤلفون مشاهدهم. محياهم هو الكلمة، وهو المشهد.

كما فعلت نادين خوري في أحد المشاهد الصامتة، حيث ترهّل وجهها، ثم ارتفع، ثم انصدم، ثم انهار... كل هذا مرّ في لحظة. تؤلف، تُعبّر، تُجسّد.

فأين باسل خياط من كل هذا التعبير والتجسيد والتأليف؟

شيء من التحنيط حاضر بقوة. يحتاج إلى ماء جديد يُحرّك عنده حسّ الأداء الأخضر، بدل هذا اليُباس الممتدّ على طول حلقاتٍ تتناسل بلا دهشة ولا براعة.

يقرأون الآن