في لحظة حاسمة كانت تنتظرها منذ أربعة عقود، تلقت الإعلامية الليبية حنان المقوب نتيجة تحليل الحمض النووي التي كانت تعتقد أنها ستمنحها هوية وجذورًا بيولوجية. لكن المفاجأة كانت قاسية: لا يوجد أي تطابق جيني بينها وبين العائلة التي اعتقدت أنها تنتمي إليها، لتسدل الستارة على حلم راودها طيلة حياتها.
حنان التي وثّقت تفاصيل قصتها مع العائلة "المحتملة" في بث مباشر على "تيك توك"، انهارت باكية أمام جمهورها، وأعلنت أنها لم تعد قادرة على خوض المزيد من الصدمات، قائلة: "من داخلي منتهية... ما عنديش أعصاب"، مؤكدة في الوقت نفسه أنها لن تنكسر، وأنها ستواصل حياتها رغم الخذلان.
العائلة التي بادرت بالبحث عنها لا تزال مصرة على إعادة التحليل، إلا أن حنان أعلنت انسحابها العاطفي، وبدت وكأنها تغلق آخر الأبواب، متمسكة بعبارة واحدة تكررت على لسانها: "لعله خير".
قصة حنان: مكالمة أمل.. وانهيار الحقيقة
تعود جذور القصة إلى نحو 44 عامًا، حين وُجدت الطفلة حنان المقوب رضيعة أمام أحد مساجد مدينة بنغازي، بعدما قيل لوالدتها، التي كانت حينها بعمر الرابعة عشرة، إن المولودة توفيت عقب الولادة مباشرة. نُقلت الرضيعة إلى دار الأيتام، وهناك بقيت لعامين قبل أن تتبناها أسرة ليبية.
نشأت حنان بين أفراد عائلتها بالتبني، وعاشت طفولة طبيعية، لكنها فقدت والديها بالتبني وهي في السادسة والعشرين من عمرها. ومع غياب الوصاية القانونية، طالبتها الجهات الاجتماعية بالعودة إلى دار الرعاية، لكنها رفضت، وقررت الانطلاق نحو حياة جديدة خارج بنغازي.
ظلّت حنان تشعر بأنها مجهولة النسب، وامتنعت عن الزواج وتكوين أسرة، خشية أن يُستخدم الغموض في خلفيتها ضدها اجتماعيًا. لكنها لم تتوقف يومًا عن البحث في داخلها عن حقيقة تنتمي لها.
المكالمة المصيرية: من "تيك توك" إلى القاهرة
خلال تقديمها برنامجًا مباشرًا على "تيك توك" بعنوان "تعال نحكيلك"، تلقت حنان اتصالًا من شاب يُدعى عمر موسى، قال إنه يعتقد أنها شقيقته، وأن والدته أخبرتها المستشفى بوفاة رضيعتها منذ أكثر من 40 عامًا، لكنها لم تُصدق، وظل قلبها ينبض بالأمل.
حنان، التي تطابقت التفاصيل في أذنها كصفعة ذاكرة، تواصلت مع العائلة وسافرت إلى القاهرة للقاء والدتها المفترضة. في المطار، جرى عناق مؤثر وثقته بالكاميرا، وأعلنت أمام جمهورها أنها أخيرًا عثرت على جذورها، وأنها تنتمي إلى عائلة كبيرة من مدينة سبها، وقالت: "كنت أظن أنني مقطوعة من شجرة، فاكتشفت أن لي أمّا وأخوالاً وأعماماً".
صدمة الحقيقة.. ثم تصالح الذات
لكن الفرح لم يدم طويلاً. بعد نحو ثلاثة أسابيع من اللقاء، أُجري فحص الحمض النووي الذي أثبت بشكل قاطع عدم وجود أي علاقة بيولوجية بين حنان والعائلة. لحظتها، تحطّم الحلم الذي كانت تبنيه لبنة لبنة، وانهارت في بث مباشر قالت فيه: "مش قادرة أكمل، عشت سنين أنتظر حضن أمي، وجاني... بس طلع مش ليّ".
رغم الحزن العميق، أعلنت حنان تصالحها مع ذاتها، مؤكدة أن غياب النَسب لن يمنعها من ترك أثر، وقالت: "في ناس عاشوا بلا أم وبلا أب، وتركوا بصمة".