لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تقنية، بل بات يلفنا من كل جانب: صور، فيديوهات، وكليبات كلها تُنتَج بخوارزميات ذكية تجتاح العالم بسرعة لافتة.
لكن السؤال يبقى: هل يحتاج الفن فعلاً إلى هذا الذكاء؟ وهل يمكن له أن يكون أجمل من الحقيقة؟
الفن اليوم على شفير التحوّل؛ يتعدّل ويتغيّر ويطلّ علينا بصور جديدة قد تكون مبتكرة، لكنها ليست بالضرورة أجمل من الأصل الإنساني الذي اعتدناه وارتبطنا به.
مؤخرًا، نشرت ميريام فارس مجموعة من الكليبات المصممة بالذكاء الاصطناعي، أعادت خلالها تقديم نفسها بصور تتصاعد منها الأدخنة وتتفجّر منها الورود، مع جسد منحوت كما لو أنه وُلد من ضوء.
لكن الحقيقة أن ميريام لا تحتاج إلى كل هذا الذكاء. فهي منحوتة بيد الخالق، ونحن نعرفها بحركاتها التي حفِظناها، وصوتها الذي لا يُنسى، واستعراضها الذي يملأ المسرح طاقة وأناقة.
هي، بكل بساطة، تعطي الذكاء الاصطناعي من رحيقها، لا العكس.
الذكاء الاصطناعي قد يكون رذاذًا ناعمًا ينعش بعض الفنون الراكدة، أو يجمّل أداءً يحتاج إلى بعض "الدبلجة" الرقمية.
لكن حين يُستعمل لتجميل ما هو جميل أصلًا، أو ليُظهر ما هو أدنى من الواقع، فإنه يصبح مجرد إضافة يمكن الاستغناء عنها. تمامًا كما الجمال الطبيعي أغنى من مبضع الجراح.
الفن الحقيقي سيبقى أغنى، أصدق، وأعمق من أي تركيب رقمي. ومن يستطيع أن يُدهشنا بطبيعته، لا يحتاج لأي تجميل صناعي.
ميريام فارس جميلة كما هي، بل مدهشة بحقيقتها. لا نحتاج لفكر اصطناعي لنتفاجأ بموهبتها أو ننبهر بملكاتها.
فالغرابة التي يقدّمها الذكاء المصطنع أحيانًا تكون منفّرة ومبالغًا بها. بينما الجمال الطبيعي، حين يُحافَظ عليه، يكون أكثر تأثيرًا، وأكثر قدرة على تحريك المشاعر.
ليس عيبًا أن يخترق الذكاء الاصطناعي عالم الفن، لكن الأجمل أن نعرف متى وأين نستخدمه، وألّا نسمح له بتشويه الجمال الحقيقي أو طغيان الصورة المصطنعة على الأصالة.
فالفنان أو الفنانة القادرة على تقديم صورة أبهى، وكليب أكثر حيوية وحقيقة، لا تحتاج لتقنيات مصطنعة طالما الروح والجسد ينبضان فنًا وجمالاً.
-