TRENDING
احذروا جيوش التنمّر الرقمي: سكاكين السوشيال ميديا لا ترحم

كارول سماحة وحراس الموت 

يوم وقعت كارول سماحة في الحزن، ثم قررت أن تتجاوز ألمها وتعود إلى عملها في الفن، خرجت جموع السوشيال ميديا تنهال عليها بالتوبيخ، تشهر ألسنتها كالسيوف، فكسوها بالسواد وأثقلوا على حزنها حزنًا جديدًا، متقمّصين أدوار حراس الأمزجة والموت والقبور.


إليسا وأنياب النهش 

وحين ظهرت إليسا في مقابلة وقد بدا عليها التقدّم في العمر، انكشفت أنياب الضباع الرقمية تنهشها من كل جهة، يسخرون منها، يعيبون مظهرها، يغرقونها بأبشع العبارات، وكأن أعمار الآخرين لا تهمهم. أنيابهم حاضرة دوماً لتمزيق أيّ وجه لا يطابق معاييرهم المريضة، متنطّعين بدور حرّاس الجمال ومرجعياته.

شيرين تواجه سكاكين مسنونة

بالأمس، حين وقفت شيرين عبد الوهاب تغنّي، استُلت السكاكين، وصُقلت شفراتها، وبدأت حفلة البتر في روحها. ومن لم يملك سكينًا، جعل من لسانه مبردًا، يقصّ في الكرامة عرضًا وطولًا، حتى ألقوا بها في حفرة من القمامة. أولئك المتربصون، نصبوا أنفسهم مرجعًا فنيًّا، ولا أحد يعلم من أوكل إليهم هذه المهام.

ماجدة الرومي في محاكمة وهمية 

وماجدة الرومي، الكبيرة من لبنان، من حملت وجع وطنها وغنّت كلمته الجامعة في عزّ الجرح والنهضة، لم تسلم هي الأخرى. ألقوها في حفرة من السخرية والشتائم، يرمونها بعبارات بذيئة لا تليق بمقامها، متقمّصين دور قضاة الوطن، رافعين فوق رؤوسهم قوس محكمة وهمية، إن وُجدت لهم رؤوس أصلًا.

هذا الطنين الجماعي، وهذا الأزيز الحربي، وقرع طبول الكراهية، وشحذ الألسن بمبراة السفاهة، لم يعد استثناءً، بل صار واقعًا يوميًّا. أمراض نفسية صارت تزدهر على ضفاف السوشيال ميديا، في غياب الرقابة، وفي ظل غياب قانون رادع، وأخلاق مانعة.


قضاة" السوشيل ميديا" 

هؤلاء القلقون، الموترون، المتربصون، يتوهمون أنهم "قضاة"، أحكامهم نهائية، ومطارقهم جاهزة. يسوّقون لأنفسهم كصانعي "الترند"، ويطبعون سلوكيات خطيرة في وعي المجتمع، حتى بات من الضروري أن تُضبط شفرات كلماتهم، وأن تُكبح لعناتهم.

لقد دخلنا زمنًا تهيمن عليه جيوش إلكترونية هجين، لا أصل لها ولا فصل، أثبتت الدراسات أن أغلب أفرادها من أكثر الناس بؤسًا ووحدة، فوجدوا في هذا العالم الافتراضي ملاذًا يفرغون فيه غضبهم. هؤلاء العابثون بكرامات الآخرين، في الحقيقة، هم أكثر الناس بعدًا عن ذواتهم.

للفنانين نقول: احترسوا جيّدًا، أمامكم جيوش هجينة لا ترحم.

ولمستخدمي السوشيال ميديا: تراجعوا قليلاً عنها، فقد تُبعدكم عن أنفسكم أكثر مما تتصورون.