وسط ظلال الحرب العالمية الثانية، وفي قلب مدينة الإسكندرية التي كانت تئن تحت وطأة الغارات الجوية المتتالية، وُلدت لحظة استثنائية صنعت نجمة من رحم الخوف.
زهرة العلا، تلك الطفلة الشغوفة بالفن رغم سنوات عمرها القليلة، لم تمنعها أصوات صفارات الإنذار ولا دوي القنابل من أن تحضر عرضًا مسرحيًا لفرقة حكومية قدمت مسرحية "الملك لير" تحت إشراف رائد المسرح المصري زكي طليمات.
وبينما سارع الجمهور إلى المخابئ بعد دوي صفارات الإنذار، وقفت زهرة الصغيرة تراقب الممثلين المرتبكين، ثم صاحت فيهم بثقة: "أنتم خائفون من ماذا؟ هيا مثلوا!"
لفتت هذه الجملة أنظار زكي طليمات، فاستدعاها وأجرى معها حوارًا قصيرًا وسط الفوضى، ليكتشف أمامه طفلة تُلقي الشعر وتقلد كبار الفنانين بإتقان. ربت على كتفها حينها قائلاً: "أرجو أن يكتسبك الفن في المستقبل."
ومع انتقال العائلة إلى القاهرة هربًا من الغارات، لم تتردد زهرة في التقديم إلى معهد التمثيل، وقد فوجئت بأن زكي طليمات نفسه كان مدير المعهد وأحد أعضاء لجنة القبول. ألقت نفس الأبيات الشعرية التي ألقتها عليه في الإسكندرية على أمل أن يتذكرها، لكنه لم يفعل. رغم ذلك، تم قبولها لتبدأ رحلتها الأكاديمية في التمثيل.
لكن القدر لم ينتهِ بعد من رسم مسار الشهرة لها...
ففي أثناء حرب فلسطين، وأثناء غارة جوية جديدة ولكن هذه المرة على القاهرة، لجأت زهرة إلى أحد المخابئ، وهناك التقط لها مصور صحفي صورة وهي تبتسم وسط حالة الذعر العام. نُشرت الصورة ضمن تقرير صحفي، لتلفت أنظار أحد المخرجين الذي قرر أن يمنحها دور البطولة في فيلمه القادم فورًا، قائلاً: "ابتسامتك وسط القصف قالت لي إنك بطلة."
ومن تلك اللحظة، وُلد وجه جديد على شاشة السينما المصرية، ليبدأ مشوار زهرة العلا الحقيقي مع الفن، الذي بدأ من غارة جوية، وتحوّل إلى نجومية خالدة.