TRENDING
كلاسيكيات

من الكسندرا بدران إلى نور الهدى: حكاية صوت تحدى التقاليد وصنع المجد

من الكسندرا بدران إلى نور الهدى: حكاية صوت تحدى التقاليد وصنع المجد

وُلدت الكسندرا بدران في تركيا أثناء عمل والدها هناك كمقاول، لتعود بعدها الأسرة إلى لبنان، حيث بدأت حكايتها الفنية. ومنذ سن الطفولة، أظهرت ميولًا فنية مبكرة، إذ كانت تستمع إلى الأسطوانات على "جرامافون" الجيران وتحفظها عن ظهر قلب، وهي لم تتجاوز الخامسة.

لقاء مصيري مع الملحن خالد أبو النصر

سمعها زوج عمتها تغني، وأُعجب بموهبتها، فقرر أن يعرضها على الملحن المعروف خالد أبو النصر. كان ذلك في سن السابعة. تلقّت دروسًا أسبوعية في الغناء والموسيقى، وتمكنت من حفظ أغنيتين في سن صغيرة، مما زاد تعلّقها بالفن.

الظهور الأول على المسرح وغضب الأب

افتُتح مسرح صديق الملحن، وكانت أولى الفرص الذهبية للطفلة الصغيرة للوقوف أمام جمهور حقيقي. لكنها فوجئت بحضور والدها أثناء العرض، متجهّمًا، ليمنعها من الاستمرار بعد الوصلة الأولى، ويعيدها إلى طرابلس بعيدًا عن الفن.

محاولات متكررة وشغف لا ينطفئ

رغم الممانعة، بقيت الكسندرا متمسكة بالغناء. زوج عمتها حاول مجددًا إقناع والدها بالسماح لها بالعمل مقابل أجر جيد، لكن الأب رفض بشدة. انتقلت مرة أخرى إلى طرابلس، لتغني في حفلات الجمرك وسط علامات الاستياء على وجه والدها.



المواجهة الحاسمة وموافقة الأب

في مناسبة عائلية، طالب الضيوف بأن تغني، فرفض الأب، لتتحوّل السهرة إلى ندوة عائلية ضغط فيها الجميع حتى رضخ الوالد. بعدها، عادت إلى المسرح بعقد جديد بأجر مضاعف، وبدأت مسيرتها الفنية الحقيقية.

انطلاقة لبنانية وجولات سورية ناجحة

بدأت نور الهدى، أو الكسندرا حينها، جولة فنية ناجحة في لبنان وسوريا، واجهت فيها جمهورًا صعبًا كجمهور حلب، لكنها نجحت بفضل ما حفظته من أدوار لعمالقة الطرب المصري مثل سيد درويش وداوود حسني.

لقاء يوسف وهبي.. بوابة العبور إلى مصر

في سن الثانية عشرة، التقت الممثل الكبير يوسف وهبي، الذي أعجب بها بشدة بعد أن سمعها تغني في جمعية العجزة. وقّع معها عقدًا للسفر إلى مصر، لكن قرارًا رسميًا منعها من مغادرة لبنان، ما أدخلها في أزمة كادت أن تقضي على حلمها.

تضحية كبيرة وعبور إلى مصر

بعد سلسلة تعقيدات وعقود أُبرمت وفُسخت، ومبالغ دُفعت لفك الارتباطات الفنية في لبنان، سافرت أخيرًا إلى مصر في 8 نوفمبر 1942 برفقة والدها وأنطون خوري، في بداية جديدة كُتب لها أن تغيّر مجرى حياتها بالكامل.

فيلم "جوهرة".. ميلاد فني جديد

باشرت تصوير فيلمها الأول "جوهرة" مع يوسف وهبي، الذي اقترح تغيير اسمها إلى "نور الهدى". أدرك وهبي أن عليها الانطلاق بالأغاني أولًا قبل التمثيل، فخطا معها خطوات مدروسة حتى اكتمل العمل.

ليلة العرض.. دموع الفرح في قاعة السينما

في 8 مارس 1943، عادت إلى مصر لحضور العرض الأول للفيلم، وهناك شاهدت صورتها على الشاشة الكبرى، فاختلطت مشاعر الدهشة بالدموع والفرح، هي ووالدها، في لحظة انتصار مؤثرة.

اسم جديد على قمة المجد

ذلك اليوم كان نقطة تحول حقيقية، إذ تكرّس اسم "نور الهدى" كأحد أبرز الأصوات التي عرفتها السينما والغناء العربي. من طفلة موهوبة مُنعت من الغناء، إلى فنانة صُنعت من التحدي والموهبة والمثابرة.


قصة نور الهدى ليست مجرد سيرة فنية، بل هي حكاية إصرار في وجه المنع، ونجاح وُلِد من رحم الألم، وتحوّل إلى نور أضاء تاريخ الفن العربي لعقود قادمة.