في بيان إعلامي أثار جدلاً واسعاً، أعلن الفنان اللبناني فضل شاكر عن تفاصيل قضيته المستمرة منذ أكثر من 13 عامًا، مؤكّدًا براءته من التهم المنسوبة إليه، ومناشدًا سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التدخل لإنصافه ووضع حد لما وصفه بـ"الظلم السياسي". لكن، وبمراجعة سجل الأحكام القضائية، يظهر أن الرواية الكاملة أكثر تعقيدًا مما ورد في البيان.
براءة من "القتال مع الجيش"... ولكن ليس من كل شيء
صحيح أن القضاء اللبناني أصدر في عام 2018 حكماً غيابياً بتبرئة فضل شاكر من تهمة الاشتراك في معركة عبرا ضد الجيش اللبناني، وهو ما أكّده الفنان في بيانه الأخير. وقد تم تداول هذا الحكم في وسائل الإعلام، وأُشير إليه باعتباره تطوراً بارزاً في قضيته.
لكن هذا الحكم لا يشمل باقي التهم، ولا يعني إسقاط جميع الملفات القضائية المفتوحة ضد الفنان. ففضل شاكر لا يزال يواجه سلسلة من الأحكام والمذكرات الأخرى التي لم تُلغَ ولم يُبت بها لصالحه حتى الآن.
أحكام ومذكرات لا تزال قائمة
تشير مصادر قانونية موثوقة إلى أن فضل شاكر حُكم عليه غيابيًا في قضايا عدّة، أبرزها:
تعكير صفو العلاقات مع سوريا: حكم بالسجن 5 سنوات وغرامة مالية.
التحريض الطائفي: مذكّرات توقيف صدرت بحقه منذ عام 2015.
جرائم إرهاب وتدخلات لصالح أحمد الأسير: لا تزال قيد المحاكمة، وتشمل تهمًا متعلقة بدعم الإرهاب وتبييض الأموال.
وفيما أشار شاكر إلى "عدم وجود مذكرات توقيف بحقه قبل دخوله مخيم عين الحلوة"، تكشف الوقائع القضائية أن بعض الأحكام والمذكرات كانت قد صدرت فعلاً قبيل أو بعيد دخوله المخيم.
بين التهويل والتجاهل: ماذا قال البيان؟
بيان فضل شاكر تضمّن الكثير من العاطفة والنداء الإنساني، حيث أكد أنه بريء وأن قضيته سياسية بامتياز، داعيًا إلى التعاطي معها "كقضية مواطن عادي" من أجل إنهائها.
كما كشف لأول مرة، بحسب زعمه، عن تعرضه لابتزاز مالي من قبل بعض المسؤولين في أجهزة رسمية، مشيراً إلى طلب مبالغ طائلة وصلت إلى 5 ملايين دولار، وعقارات، مقابل نيل براءة قال إنه حصل عليها أصلاً.
ورغم حساسية هذه التصريحات، إلا أن البيان لم يُرفق بأي دلائل أو مستندات تدعم تلك الادعاءات، كما لم تصدر أي تعليقات رسمية من الجهات المعنية تؤكد أو تنفي صحة ما ورد.
نداء إلى الأمير محمد بن سلمان
اللافت في البيان كان الرسالة المباشرة التي وجهها فضل شاكر إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حيث قال:
"لقد بعثتم الأمل في لبنان، وفتحتم الباب لعهد جديد في العالم العربي... فلتُفتح قضيتي ضمن أولويات هذا العهد."
هذه المناشدة حملت طابعاً سياسياً وإنسانياً في آنٍ واحد، خصوصًا أن شاكر يحاول إعادة تقديم نفسه كفنان ظلمته الظروف، ويرغب بالعودة إلى الحياة الطبيعية والفنية من بوابة العفو والتسوية.
خلاصة: الحقيقة في المنتصف
رغم أن فضل شاكر بُرّئ من تهمة الاشتراك في معركة عبرا، إلا أن البيان الصادر عنه ضخّم هذه البراءة لتبدو وكأنها تشمل جميع التهم، في حين أن العديد من الملفات القضائية لا تزال قائمة ضده، وبعضها صدر فيها أحكام غيابية بالسجن.
القضية، إذًا، ليست فقط في يد السياسة، بل أيضًا في يد القضاء الذي لم يغلق كل الملفات بعد. وبين بيان العاطفة ووقائع القانون، تبقى الحقيقة موزعة على الطرفين، بانتظار تسوية شاملة تضع حدًا لمسارٍ شائك بدأ منذ أكثر من عقد تبدأ أولًا بأن يسلم فضل نفسه للجهات المختصة لمحاكمته وجاهيًا.