في خطوة وُصفت بأنها الأخطر منذ سنوات، تدخلت هيئة الرقابة على الإذاعة والتلفزيون في تركيا (RTÜK) لأول مرة بشكل مباشر ضد عمل يُعرض حصريًا على منصة رقمية، بعد موجة جدل واسعة أثارها مسلسل Jasmine (ياسمين) المعروض على منصة HBO، بسبب محتواه الجريء الذي اعتبرته شريحة واسعة من الجمهور «إباحيًا وصادمًا».

تدخل رقابي خارج التلفزيون التقليدي
القرار يُعد سابقة، إذ اعتادت هيئة الرقابة التركية حصر تدخلها في القنوات التلفزيونية المحلية، بينما كانت المنصات الرقمية تتمتع بهامش حرية أوسع. إلا أن الشكاوى المتزايدة حول مسلسل Jasmine دفعت الهيئة إلى فتح تحقيق رسمي يشمل مراجعة المشاهد والمضامين، ومدى التزامها بالقوانين الناظمة للبث وحماية القيم المجتمعية.

ما الذي أغضب الرقابة؟
بحسب تقارير إعلامية تركية، يتضمن المسلسل عددًا كبيرًا من المشاهد الجنسية الصريحة والعلاقات الجسدية المباشرة، إلى جانب معالجة جريئة لموضوعات حساسة دون رقابة عمرية كافية. هذا ما دفع منتقديه إلى وصفه بأنه «أكثر عمل تركي إباحي تم إنتاجه حتى اليوم»، خاصة أنه يخرج كليًا عن الصورة النمطية للدراما التركية المعروفة.
قصة مظلمة بطابع صادم
يروي مسلسل Jasmine قصة فتاة شابة تعاني مرضًا قلبيًا مميتًا، وتدخل في شبكة معقدة من العلاقات والخيارات الأخلاقية القاسية في محاولة للبقاء على قيد الحياة. ومع تطور الأحداث، تتحول القصة الإنسانية إلى مساحة سوداء مليئة بالمشاهد الجريئة والاستفزازية، ما جعل العمل مادة دائمة للجدل منذ حلقاته الأولى.

خيارات العقوبة المطروحة
مصادر مطلعة تشير إلى أن هيئة RTÜK تدرس عدة إجراءات محتملة، من بينها فرض غرامات مالية كبيرة على المنصة، أو توجيه إنذار رسمي، أو إلزامها بوضع قيود عمرية صارمة، وصولًا إلى حجب العمل داخل تركيا في حال ثبوت المخالفات بشكل واضح.
منصة رقمية تحت المجهر
القضية لا تتعلق بالمسلسل وحده، بل تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من تشديد الرقابة على منصات البث العالمية داخل تركيا، في ظل تصاعد التوتر بين حرية الإبداع الرقمي والضوابط الأخلاقية والقانونية التي تفرضها الدولة.

هل يتغير مستقبل الدراما الرقمية التركية؟
يُنظر إلى هذا القرار على أنه اختبار حقيقي لمستقبل المحتوى الجريء في تركيا، ورسالة مباشرة إلى المنصات العالمية بأن «الفضاء الرقمي لم يعد بمنأى عن الرقابة». وبين من يرى الخطوة حماية للمجتمع، ومن يعتبرها تقييدًا للحريات، يبقى مسلسل Jasmine في قلب عاصفة قد تعيد رسم حدود الدراما التركية على المنصات الرقمية.