TRENDING
أين لورين قديح؟

من أرض الصنوبر والحرير أتت. تفتح طاقات الابداع تصول كعاصفة كاسحة.

تحافظ على خامة الخجل والهدوء. إن انبرت ابهرت وأن مثلت أبدعت. وأن كتبت هزت صروح الكلمة. وأن حكت سكت الكلام ليسمع.

لورين قديح ابنة القبيات بلدة الينابيع والخضرة والثقافة. كل هذه الجذور تركت في طيفها أثراً للأصالة والنخوة وتلك الشخصية المحصنة بالشكيمة.


عرفناها منذ البداية نجمة في "احلى بيوت راس بيروت "ولم يكن شبابها قد اكتمل. وفي خطوة واسعة قفزت دفعة واحدة نحو البطولات الاستثنائية فكانت نجمة سينمائية في "آخر فالنتاين في بيروت" وهو فيلم من إخراج المخرج اللّبناني سليم الترك، ومن ثم في فيلم "حبّة لولو" للمخرجة اللبنانيّة ليال راجحة، ثم فيلم "شي يوم رح فِل" للمخرجة نفسها.

طرقت كل مساكن المعرفة وأقامت فيها. حاملة شهادات في الدراسات العليا بفنون الدراما، وشهادة ماجستير في إعداد الممثل. شغوفة بالأدب والعلم فهي كاتبة ومترجمة.

تعد لورين قديح فيلمها الخاص "يا غالية" وترجمت مع أختها كتاب "الانحدار الفرنسي" Le declassement Francais للصحافيين الفرنسيين جورج مارلبرونو وكريستيان شينو في تحدٍ منقطع النظير بمدة 22 يوماً.


متواطئة لورين مع التعب والشغف والتميز. هذا ولم نحك عن معجزة برنامجها النقدي "سيسرونا". هذا البرنامج الإذاعي اللاذع الذكي. تعرف كيف تحبك كلمتها البناءة في إطار هزلي. لغتها غريبة تأتي بها من بواكير العفوية والعمق ومخزون الفكر. فيصبح كلامها المحكي شارات وصول.

يوم فتحت لورين قديح كلمتها وحبرها للنقد جعلت من النقد طرازاً وموضة. لا أحد يقدر ان يقارب نصها. فهي تدور الكلام وتسكبه في صور الإعجاز. تنتقد كالبناء الذي يزخرف عمارة. تزيدها جمالاً ومناعة. بتلك اللغة المحكية التي لا تشبه أي لغة.

ابتكرت للسهل الممتنع نهجاً.

"سيسرونا" ليس مجرد برنامج. بل هو منصة الرصانة في زمن الهزل. هو معجن الكلمة في عصر الرخص. هو الذكاء الحاد في وجه الاستسهال. هو الابداع النشيط القريب اللطيف الذي يدخل قلبك فتضمه ولا تريد أن ينتهي عناقه.

"سيسرونا" للورين قديح أكثر من برنامج في دقائق قليلة. هو تلك المضمضة التي تريد ألا ينتهي مذاقها. مثل الينابيع التي تتفجر في ارض الخصب والنقاء.

لا يحق للورين أن تصمت. لا يحق لها أن تبتعد بخطابها. فمعجن كلمتها يخص كل محبي العبقرية والترفع. فسكوتها جريمة وبعدها عن حلبة الضوء جريمة أقسى.

الفنانة المثقفة التي تحدرت من قمم الضوء والنجاح تليق بها الأعالي. فهي كيفما رميتها تأتي واقفة. سيدة لو أردت أن تأخذ طولها عليك أن توسع المازورة. فلا قياس قادر أن يحوي قامتها.

الكتب، الإذاعة، التلفزيون، السينما كل هذه مرابع تبقى فقيرة ببعد الهامات العالية. ولورين قديح واحدة من تلك الذي يبقي الضوء شحيحاً ببعدها.

من كسر كليشيهات التزمت وجعل من التمثيل موقف وقضية. قادر أن يكسر جدران العزلة ويعود ليبرق في سماء الفن. ولورين قديح حقولها كثيرة كيفما مرّت مرّجت.  

يقرأون الآن