TRENDING

"عرابة بيروت" جديد منصة "شاهد" إنتاج "إيغل فيلمز" إخراج المبدع فيليب أسمر.

هذا العمل الذي تدور أحداثه في ستينيات القرن الماضي، أكثر من عمل تمثيلي بل رحلة نحو بيروت الأمس. يوم كانت بيروت ولبنان مضرب مثل في الرخاء والعز.

فيليب أسمر المخرج هو مؤلف هذا العمل بعدسته المبهرة، عمل ما زال في بدايته واستطاع أن يقص مشاهد الإبهار.


الاغراء في "عرابة بيروت" لا يكمن فقط في القصة والشخصيات بل بتلك الأجواء التي تعيدنا إلى الذي كان. مدينة تشع أناقة وجمال تصحو في الليل ولا تعرف للنوم زمناً أو مكاناً.

الرجال والنساء والملابس والموسيقى وكل الشخصيات هم سفراء تلك المرحلة من زمن غابر مضى، نفخر به ونعيش الحنين علّه يُستعاد.

"أولد بيروت" نادٍ ليلي هو المكان المختصر الذي فيه تدور الأحداث ومن خلاله نستعيد نوستالجيا الأمس بالأبيض والأسود، لتاريخ نتباهى أنه كان لنا. ليس من خلال هذا الملهى بل من خلال تلك الصور التي تنم عن رفاهية ومكانة وعز وأشياء جميلة كان لها شأن في مخيلتنا.


مقابر الجنود الفرنسيين، قصور المدينة بين شجر الصنوبر في الأشرفية، السيارات النادرة في حينها، مرابع الزيتونة التي اختفت وحل مكانها سنسول من نوع آخر، شوارع البرج والوسط التجاري الذي لا يعرف الهدوء. كل هذه صور مستعادة ستنبش في الذاكرة تلك المدينة التي اجتمع فيها أكبر العظماء وأهم شخصيات ذاك الزمن.

"عرابة بيروت" بغض النظر عن كل ما يحدث في أروقته. هو ترداد لذاكرة الشوارع والأحياء والنبض لمدينة صنعت معجزتها في تاريخ الأمم، فكانت قبلة للجميع، وكانت بحراً وجواً لا تهدأ أرصفته، وكانت منبع حياة لجوارها.


هذا العمل الجميل إن لم يكن فيه سوى إحياء تلك الروح التي رحلت فهذا كفايته من النجاح. وفريق العمل الذي اشتغل من أجل تحضير تلك الروح فريق ملهم، سواء كان مزيناً أو مصمم أزياء أو مخرجاً فهو مفطور على تقديم الابداع وتجسيد الحس الغائب ليصبح حقيقة.

أما الشخصيات التي تؤدي وتلعب هذا العمل فهي خيرة فنانين، ومن زبدة الفن اللبناني الأصيل.


جوليا قصار الملهمة القديرة التي لا تبتكر شخصية وحسب بل هي تبتكر الفن في الفن. تضع كل شيء في نصابها كأنه مولود لأول مرة. شخصية فريدة في الأداء عندما تشرئب بعنقها. وعندما تميل بطرف عينها. وعندما تنطق بصوت جديد. كل ذلك لا نجده في الحياة ولا في الأداء بل في الابتكار. هي قادرة أن تصنع سلوكا وروحا وطبيعة جديدة. ابنة المسرح لا يفوتها أي إبداع. هي حقل من المغنطيس الذي يجذب حتى ولو صمتت ولو تنفست.

أن تكون الست "جوليات" أو جوليا قصار في هذا العمل. يعني أن كل دعائمه قوية وكل مشاهده تحفة. وما يأتي بعد ذلك هو بحبوحة وإضافة.


أما الطاقم الآخر فكله حاضر بأكثر مما مطلوب. مجدي مشموشي دوماً قادر أن يقدم أفضل الأفضل. بديع أبو شقرا له شأن كبير في هذا العمل. ونجمه في مرحلة بزوغ جديدة قادر على الإشراق كما الدوام. أما نادين الراسي فهي في مختبر جديد يليق بها، لأنها صاحبة صوت جميل وستغني، وستكون مطربة من زمن الأولديز وتبدع فيما تقدم.

أما جيسي عبدو ورولا بقسماتي تتفجران في أدائهما. فتيل الإبداع وصل حتى نهايته واحترق وشرقط صوراً وشخصيات ستحفر في أذهان المشاهد للمرحلة المقبلة.


كارول عبود، رودني حداد، رندا كعدي، عمار شلق، إيلي متري، وليد العلايلي، وسواهم توليفة أصلية من الكبار. يجتمعون معاً. وفي اجتماعهم يرتفع الزبد حتى يصبح في أعلى لجته. يفقش بياضاً ورذاذاً لافتاً على شواطئ الفن. جمعتهم تشبه مدينتهم. الكل قادر أن يصدمك بما لديه وبما يستطيع أن يفعل.

أما ريان حركة فتعود لثبت أنها ممثلة من الجيل الجديد الذي يحسب له حساب عندما تتوافر كل مقومات النجاح.


مهيار خضور ونور الغندور وجهان سيكون لهما الصدارة في بطولة هذا العمل، الذي اجتمعت كل أسس نجاحه.

"عرابة بيروت" سفر عكس الزمن في مدينة عمرها أكثر من 5000 سنة. على أمل ألا تكون القصة واهية بل تلقي الضوء أبعد من ملهى وتستطيع أن تسلط الضوء على تاريخ مدينة معالمها شاهدة على العراقة والمعاصرة في آن واحد.

يقرأون الآن