TRENDING
يتيم الفلسفة الذي أنقذه الريحاني.. حكاية محمد عوض

طفولة بين الدراسة والحرمان من الاحتفال بعيد الميلاد

ولد الفنان محمد محمد عوض ناصر في 12 يونيو 1932، ليجد نفسه منذ الصغر أسير الامتحانات التي حرمت طفولته من أبسط فرحة: الاحتفال بعيد ميلاده. كان الابن الأكبر بين أربع إخوة، نشأ في العباسية بشارع ماهر، وسط ظروف أسرية بسيطة.

التعليم والاغتراب في زمن الحرب

بدأ تعليمه في مدرسة التربية النظامية الأولية بالعباسية، ثم انتقل إلى طوخ الابتدائية في فترة الهجرة أثناء الحرب. ضاع وسط الغربة وبُعده عن رقابة والده، فسقط في الامتحان، قبل أن يعود لاحقاً ليحصل على الابتدائية من مدرسة خليل أغا عام 1943 بمجموع متميز بلغ 71%.

إحباطات الثانوية وبداية الشغف بالفلسفة

التحق بمدرسة فاروق الأول الثانوية (العباسية الثانوية حالياً)، لكنه شعر بغربة اجتماعية بين أبناء الطبقة الثرية، ما انعكس على تحصيله العلمي. بعد رسوبه، قرر أن يتفوق عليهم بتميز مختلف، فبرع في الكشافة، ثم في الفلسفة التي أصبحت شغفه الأكبر.

حلم البحرية يتحطم بسبب مسؤولية الأسرة

بعد التوجيهية، كان حلمه الالتحاق بالكلية البحرية ليعيش في الإسكندرية صيفاً وشتاءً. لكن والده رفض قائلاً: "وأخواتك البنات يا محمد، يجرى لهم إيه لو جرى لك حاجة؟"، ليعدل محمد عن حلمه ويلتحق بكلية الآداب جامعة عين شمس – قسم الفلسفة. وقبل امتحانه الجامعي الأول، رحل والده تاركاً له مسؤولية إعالة الأسرة.

عمل ودراسة وفن

اضطر للعمل موظفاً في الشهر العقاري بالتوجيهية، ليوازن بين الوظيفة والدراسة ومحاولات الارتزاق بالفن. وبعد معاناة طويلة، حصل على الليسانس عام 1956. بعدها بعام التحق بمعهد التمثيل ليبدأ مرحلة جديدة من حياته.

عشق الريحاني والانطلاقة المسرحية

كان محمد عوض مهووساً بفن نجيب الريحاني، الذي جسد الإنسان المسحوق المنتصر في النهاية. ورغم أنه لم يتمكن من مشاهدته على المسرح بسبب "قلة المصروف"، إلا أنه وجد في مسرحياته سبيلاً للراحة النفسية والمادية. كان يقدم أعمال الريحاني في حفلات الجامعة بمبلغ رمزي يضاف إلى راتبه البالغ 12 جنيهاً.

وفي أكتوبر 1956، خطا أولى خطواته على خشبة مسرح الريحاني مقابل 10 جنيهات، قبل أن يمنحه القدر فرصة العمر عام 1959 حينما مرض عادل خيري، فأسند إليه جميع أدواره. وجاءت مسرحية "حاسب من دول" لتكون شهادة انطلاقته الفنية الحقيقية.