TRENDING
يمنى شري :الابتسامة التي كسرت القوالب..حاربوها ثم اعترفوا بريادتها


عبرت البسمة إلى مثواها الأخير.

ترجلت الضحكة وذبلت زهرة دوار الشمس وسقط أخر حرف فرح عن الشاشة.

أقفل مذياع يمنى شري على عجل، وبقيت أصداء روحها عالقة على الأبواب أقمار. خانتها رئتها وهي تتنفس هواء الغربة السميك لم تشفع لها تلك الدموع أن تردها إلى البلاد التي احبتها أكثر من أي شيء أخر. فغابت خلف البحار. غروب شيعه الجميع بحب وفقدان وأثر لا ينطفأ.


كسرت القوالب

نسجت يمنى مسيرة كانت مهمتها زرع الأمل والفرح وكسر كل القوالب التقليدية. صنعت من صوتها حالة مبتكرة للتفاؤل وبحركتها غيرت مفهوم الإعلام يوم كان مقيداً بشروط، فرضت شروطها وابحرت عكس التيار في برامج "الليل المفتوح"، "طل القمر"، "ليل وقمر ونجوم"، "إجا القمر عالباب"، و"عالم الصباح".

لم تسلم من النقد الجارح

لم تسلم يمنى شري في بداياتها من النقد الجارح واعتبروا صاحبة الأسلوب المرح التي تقدم برامجها وقوفاً وزهرة دوار الشمس تزين ياقتها وشعرها بأنها خارج السرب. ومع مرور الوقت بات أسلوبها سباقاً واعترف الأعلام بأنها مبتكرة في جيلها وعملاقة الحداثة.

الإعلامية التي حملت على الأكف وفي القلوب

لم يكن وهج يمنى شري محلي بل سطعت شمسها في كل الوطن العربي، وحققت شهرة لم يحققها أي اعلامي أخر. نجمة حملت في القلوب وعلى الأكف. في الكويت حملت سيارتها وطبع اسمها على الجدران وعلى القمصان، صورة واحدة لها كانت تكفي للترويج لمجلة او مطبوعة يوم كان الزمن ما زال بالحبر والورق.

لم تغير كثيراً في محطات عملها وأكثرها إشراقاً كان تلفزيون "المستقبل" حيث صنعت مجداً لها ومجد للشاشة التي احتوت برامجها.


الغربة جسر لقاء

ولأنها لم تعترف يوماً بالبعد، حوّلت الغربة من مسافة إلى جسر، ومن وحشة إلى لقاء. من كندا، كانت يمنى شري تطل عبر شاشة "الجديد"، تحمل معها عبق بيروت وصوتها المفعم بالحياة، لتؤكد أن المسافات ليست سوى وهم أمام قلب يعرف كيف يعانق جمهوره ولو من وراء المحيطات.

ابنة الدهشة والريادة

لم تكتفِ يمنى بالإعلام، ولم تحصر حضورها في الأستوديوهات ووراء الميكروفون. كانت تبحث دائماً عن مساحة جديدة تعبر فيها عن ذاتها، عن ضحكتها التي لا تشبه سواها. فكان لها أن تخوض تجربة التمثيل، لتطل في مسلسل "الباشا" بدور عابر لكنه عابق بالحضور، وكأنها تقول إن الكاميرا لم تخلق فقط لنقل أخبارها بل لالتقاط تفاصيل ملامحها أيضاً. ثم جاءت مشاركتها في "هند خانم" لتكرّس قدرتها على التلوّن والتجدد، ولتؤكد أن يمنى لم تكن حبيسة قالب واحد، بل ابنة دهشة دائمة، تدخل أي مجال بروح الريادة نفسها.


الحضور الطاغي

وفي رحيلها اليوم، يلتفت الجميع إلى ذاك الأثر الذي زرعته في كل حقل وطأته قدماها: من الإعلام الذي كسرت جدار رتابته، إلى الدراما حيث أثبتت أن البريق الحقيقي لا يحتاج إلى بطولة مطلقة، بل إلى حضور طاغٍ يترك بصمته حتى في أصغر المشاهد.

رحلت يمنى شري، لكن سيرتها تظل مرجعاً وذاكرة مضيئة لجيل كامل من الإعلاميين والفنانين، ولجمهور أحبها على طبيعتها، بمرحها، بجرأتها، وبإصرارها وتبقى زهرة دوار الشمس التي تدير وجهها نحو الضوء مهما اشتدت العتمة.