لم يكن عيد ميلاد الدكتور هراتش مجرد حفل دعا إليه الأحبة ثم انتهى بقطع قالب الحلوى على وقع الأمنيات بالعمر المديد، بل كان أشبه بمهرجان فني للوفاء، عنوانه العريض هو الفن والزمن الجميل. كان نسخة مصغرة من مهرجان “الزمن الجميل” الذي يحتفل بعد أشهر قليلة بدورته التاسعة، مكرّساً نفسه كمناسبة نبيلة لتكريم نجومٍ بعضهم انحسرت عنه الأضواء، وبعضهم عانى من التهميش، وجلّهم جار عليه الزمن في عصر انعدام الوفاء.
حضور النجوم والمحبين
في صالة الريجنسي بالاس جمع الدكتور هراتش محبيه من فنانين وصحافيين وزملاء مهنة، وعلى رأس المدعوين حضرت من مصر الممثلة القديرة صفية العمري، ومن لبنان حضر كبار النجوم الذين كرّمهم الزمن الجميل. وقف أبو سليم على المسرح يخبر الدكتور والمدعوين أنّه على مشارف الثلاث سنوات من احتفاله بعيده المئة.
أغاني تعيد الزمن الجميل
غنّت في الحفل الفنانة جورجيت صايغ أغنية "يا ناسيني"، ثم أكمل الحفل على وقع أغاني الفنانة الكبيرة سميرة توفيق التي وجّهت للدكتور رسالة تهنئة، أهدته تحية فبادلها بأحسن منها. بدا الحفل وكأنه إعادة إحياء لأغاني سمراء البادية.
غنّت أغانيها الفنانة مادلين مطر فأبدعت، وجعلت الحضور يتساءل: كيف اختفت مادلين عن الساحة وهي تمتلك هذا الحضور الآسر والصوت القوي؟ كما غنّت ميريام عطا الله أغاني سميرة توفيق، أرشيف لا ينضب، أرشيف احتفالي يليق بالمناسبات الكبرى، والدكتور أراد أن يكون عيده مناسبة يوزع فيها الفرح والوفاء على الجميع.
موهبة مستحقة للسطوع
غنّى جاد نخلة أغنية "لبنان الحلو"، أبكى صفية العمري بأدائه المدهش، مستفزاً الحاضرين ليسألوا السؤال الذي لا يجيب عليه أحد: أين جاد؟ من حجبه عن الساحة الفنية وهو صاحب موهبة أقوى من معظم الموجودين؟
غنّى القدير نور الملاح وكرّم بصوته سلطان الطرب جورج وسوف، مستحضراً أرشيفه القديم، أرشيف البدايات.
ختام على وقع الغناء
وختامها كان مع الدكتور هراتش الذي غنّى على المسرح "رسالة من تحت الماء". لم يبدُ الطبيب الشهير غريباً عن الغناء، بل بدا المسرح ملكه، يذوب في أغنية عبد الحليم حافظ، في فقرة أكملت جو الحفلة الذي بدأ من الفن الأصيل وانتهى إليه.
الوفاء والفرح عنوان الحفل
في نهاية الحفل، بدا واضحاً أنّ عيد ميلاد الدكتور هراتش لم يكن مجرد مناسبة لتبادل الأمنيات، بل محطة للوفاء والاحتفاء بالفن الحقيقي. الفرح هنا لم يكن زينة للحفل، بل جوهره، وكأن السعادة التي وزعها الدكتور على الحاضرين كانت تستحقه بقدر ما يستحقها كل من شاركوه هذه الليلة. عيده لم يكن مجرد يوم في التقويم، بل مناسبة يليق بها كل لحظة من الوفاء الذي يقدمه.