في زمن تتقاطع فيه العدالة مع الشهرة، يبدو أن المعايير تتبدّل بتبدّل الأسماء.
كلام الفنانة يسرا يمر
حادثة حديث الفنانة يسرا عن واقعة شخصية في ندوة عامة، حين روت بابتسامة ما يفترض أنه تجاوز من مخرجها الكبير يوسف شاهين، لم تمر مرور الكرام على الجمهور، لكنها أيضًا لم تخلق أي مساءلة قانونية أو مجتمعية حقيقية، وكأن النجومية تمنح صكّ غفران اجتماعيًا قبل القانوني.
سوزي الأردنية في المرصاد
في المقابل، تقف فتاة في عمر السابعة عشرة تُدعى مريم أيمن، أو كما يعرفها متابعوها باسم سوزي الأردنية، أمام المحكمة بتهمة “الإساءة لقيم الأسرة المصرية”، بسبب مقاطع قصيرة على “تيك توك”، لم تتضمن عنفًا ولا تحريضًا صريحًا، بل فقط محاولة مراهِقة للفت الانتباه والشهرة.
المفارقة الصارخة بين الحالتين، دفعت كثيرين للتساؤل:
هل يملك الفنانون والمشاهير حصانة غير معلنة؟ وهل تقاس الأخلاق بالشهرة لا بالفعل؟
النيابة العامة وصفت “سوزي الأردنية” بأنها سعت إلى الشهرة الزائفة وجمعت أرباحًا من جمهور مجهول، لكنها في الوقت نفسه لم تشر إلى أي ضررٍ فعلي أو جريمة محدّدة.
في حين أن ما قالته يسرا، لو صدر من شخصٍ عادي، ربما أثار تحقيقًا عامًا أو جدلًا أخلاقيًا حادًا، لكنه مرّ هنا كـ “نكتة في جلسة فنية”.
التفاوت في المعايير
الأمر لا يتعلق بالشخصيات بقدر ما يكشف عن تفاوتٍ في مفهوم الرقابة الاجتماعية:
ففي حين يُحاكم بعض الشباب على ما ينشرونه بدعوى الحفاظ على القيم، يُكافأ آخرون على التجاوز نفسه طالما ارتدوه بثوب الشهرة والفن.
الأخلاق لا تعترف بالطبقية
القضية إذًا ليست “يسرا” ولا “سوزي”، بل منظومة المعايير التي تقرر من يستحق المساءلة ومن يُمنح التسامح.
العدالة لا تُقاس بالشهرة، ولا يُفترض أن تكون الأخلاق حكرًا على طبقة دون أخرى.
وما بين ابتسامة فنانة تمرّ مرور الكرام، ودموع فتاة تُحاكم على شاشة هاتفها، يبقى السؤال مفتوحًا:
هل نحن أمام قضاءٍ عادل، أم أمام مجتمعٍ يوزّع الغفران بحسب عدد المتابعين؟