في إطار فعاليات الدورة الـ46 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، شهد الفيلم المغربي-الإسباني المشترك «زنقة مالقة» (Calle Málaga) للمخرجة مريم توزاني عرضه الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن المسابقة الدولية. الفيلم، الذي تبلغ مدته 116 دقيقة، يعد إنتاجًا متعدد الجنسيات يضم المغرب وفرنسا وإسبانيا وألمانيا وبلجيكا، ويقدم أحداثه باللغتين الإسبانية والعربية.
تتبع القصة حياة ماريا أنخيليس، سيدة إسبانية تبلغ من العمر سبعة وسبعين عامًا، تعيش وحيدة في شقة بمنطقة زنقة مالقة بمدينة طنجة المغربية، التي أصبحت بالنسبة لها أكثر من مجرد مكان للسكن، بل جزءًا أساسيًا من حياتها وذكرياتها. تتغير روتينيات حياتها المستقرة حين تصل ابنتها من مدريد بنية بيع الشقة لأسباب مالية، مما يضع ماريا أمام صراع داخلي عميق للحفاظ على إرثها وممتلكاتها، ليس فقط على المستوى المادي، بل كرمز لهويتها وذكرياتها الشخصية.

في مواجهة هذا التحدي، تعيد ماريا اكتشاف جوانب جديدة من شخصيتها، وتخوض تجربة عاطفية غير متوقعة، فتفتح لها أبواب الحب والإثارة في مرحلة عمرية اعتقدت أنها تجاوزتها، ما يضفي على الفيلم بعدًا نفسيًا ووجدانيًا غنيًا.
وأكدت المخرجة مريم توزاني أن دوافعها لكتابة الفيلم كانت شخصية للغاية، مستوحاة من فقدان والدتها التي كانت تتحدث بالإسبانية، واعتبرت أن المشروع بمثابة تكريم لذاك الرابط العاطفي العميق. كما أهدت العمل إلى جدتها "خوانا" تقديرًا للارتباط العائلي والجذور العميقة.

يقدم الفيلم رؤية متوازنة بين الحنين إلى الماضي والتمسك بالذكريات من جهة، والرغبة في التغيير والانطلاق نحو حياة جديدة من جهة أخرى. كما يبرز العمل تجربة شخصية لعمر يُنظر إليه غالبًا على أنه مرحلة مكتملة، ليؤكد أن الدراما والعواطف لا تتوقف عند عمر محدد.
بفضل الخلفية المغربية-الإسبانية، يمنح الفيلم الجمهور منظورًا متعدد الثقافات حول قضايا الهوية والانتماء، ما يجعل «زنقة مالقة» أكثر من مجرد.

تجربة سينمائية شخصية لمخرجته، بل مشروعًا يحمل بعدًا إنسانيًا عميقًا. يتناول الفيلم مواضيع الذاكرة والانتماء والحرية في مواجهة ضغوط الحياة، ويعكس عرضه في القاهرة أهمية الأعمال السينمائية التي تجمع بين الطابع الشخصي والأبعاد الثقافية، لتقديم حكايات قادرة على التواصل مع جمهور عالمي.