كشفت الراقصة المصرية الراحلة سامية جمال في مذكراتها جانباً مظلماً من طفولتها وبداياتها، حين وجدت نفسها مهددة بمستقبل لم تختره، ومُطاردة بكابوس زواج قسري كاد يغيّر مصيرها بالكامل. وفي فصول إنسانية حادّة الوقع، روت جمال كيف تحولت خطوة يائسة إلى بداية طريقها نحو عالم الرقص.
محاولة تزويج قسري و“شهادة ميلاد” مختفية
ذكرت سامية جمال أنها اكتشفت بعد عودتها إلى منزل زوجة أبيها أن الأخيرة خططت لتزويجها من عمدة مسن من الأرياف. شعرت أن حياتها تُدفع نحو “حكم بالإعدام”، فمزّقت شهادة ميلادها وألقتها من النافذة، ما أثار حالة فوضى في المنزل، وبدأ الجميع في تفتيش البيت بشكل هستيري خوفاً من ضياع الشهادة الذي قد ينسف “الصفقة”.
وأشارت إلى أن زوجة أبيها كانت الأكثر ذعراً، خشية أن تضيع منها “هدايا العمدة” المنتظرة. ومع اليأس من العثور على الشهادة، تدخل العمدة قائلاً إنه سيصطحبها إلى البلد، على أن تُرسل لهم الشهادة لاحقاً، ما أثار فرحة الجميع باستثناء سامية التي شعرت بأن حياتها تُساق إلى نهاية مأساوية.
الهروب نحو المجهول
وسط هذا الخوف، قررت سامية الهرب. لجأت إلى مُدرّستها الطيبة التي ساعدتها عبر صديقة تعمل في مدرسة لتعليم الرقص. ظنّت الشابة أنها في طريقها لتعلّم الرقص، قبل أن تتفاجأ بأن مدير المدرسة أحضر شخصاً آخر ليتفحصها، ثم طلب منها أن تتبعه.
ابتسامة تطمين من الصديقة جعلتها تعتقد أنها أصبحت “تلميذة”. لكن المفاجأة كانت أكبر.
من تلميذة إلى “مُدرّسة رقص” لا تعرف الرقص
روت المذكرات أن سامية لم تُقبل كتلميذة، بل كـ“مدرّسة للرقص الأفرنجي” مثل التانجو والفالس والفوكس، رغم أنها لم تكن تعرف خطوة واحدة من هذه الرقصات. كانت مهمتها تعليم الرجال الذين يرتادون المدرسة، إلى جانب مهمة ثانية أكثر غرابة: شرب كميات كبيرة من الشاي وتناول السندويتشات مقابل نسبة مئوية عن كل طلب يشتريه التلاميذ.
وقالت سامية إن هذا النظام كان غريباً وقاسياً، لكنها قاومته بطريقتها، معتبرة أن السندويتشات التي تحصل عليها كانت سلاحها الوحيد في مواجهة عدوها الأكبر: الجوع.
بداية النجاة وبداية الطريق
رغم القسوة والصدمة، شكّل هذا المكان نقطة الانطلاق في مسيرتها، إذ تعلمت الرقص “راغمة”، لتفتح لاحقاً باباً جديداً نحو النجومية.
تُظهر هذه المذكرات حجم الألم وراء بريق الرقص، وتضيء على رحلة شاقة بدأت بمحاولة نجاة وانتهت بصناعة واحدة من أشهر نجمات الرقص في العالم العربي.