في فترة الستينيات من القرن الماضي، ومن قلب مدينة الإحساء السعودية حيث عالم صناعة البشوت في ذلك الزمن، نشهد على علاقات اجتماعية متنوعة وقصص إنسانية مؤثرة، يخالطها المؤامرات والمشاكل، ضمن الدراما الاجتماعية التراثية السعودية "خيوط المعازيب" من تأليف حسن العبدي وبمشاركة الكتاب عباس الحايك، د. محمد البشيّر، عبد المحسن الضبعان وأسامة القس ويونس البطاط وبإشراف هناء العمير، وإخراج مناف عبدال، وإنتاج MBC.
تبدأ أحداث العمل الذي استغرق التحضير له أكثر من سنتين وتم بناء مدينة خاصة لتحاكي المرحلة الزمنية التي يرصدها العمل في الستينيات، حين كانت صناعة البشوت مزدهرة في مدينة الإحساء، وصولاً إلى نهاية الستينيات عند انتشار الأقمشة المستوردة والتحاق الشباب بالتعليم وتغير نمط الحياة. تدور الحكاية في حارة يعيش فيها معازيب البشوت، حيث يقوم جاسم الذي يعمل حائكاً بإرسال ابنه لتعلم المهنة على يد أبو عيسى، المعلّم الشهير والقاسي، فيدخل الابن في صراع مع معلمه في وقت التحق والده بعمل آخر. وفي ظل عمل والدته بدرية في بيت أبو عيسى، تبدأ المفاجآت. يضم العمل عبد المحسن النمر، إبراهيم الحساوي، فيصل الدوخي، ريم ارحمة، سمير الناصر، سعيد قريش، وعلي الشهابي ودانة السالم وأمال الرمضان ولبنى بو خمسين، إلى جانب الممثلة الحساوية الشابة مريم حسين وآخرين.
عبد المحسن النمر
يصف عبد المحسن النمر "خيوط المعازيب"، بأنه عمل حساوي بامتياز، بناء للبيئة التي يدور فيها ولكون أحداثه صوّرت فيها، وعلى مستوى المشاركين في العمل من وجوه جديدة واعدة". يقول إن "هذا ثاني أعمالي في بيئة الاحساء، إثر مسلسل قدمته في العام 2005، لذا أعتبر أننا أمام تحد مهم، ومطالبون بتقديم عمل أفضل"، معرباً عن تفاؤله بذلك "لكون MBC كانت حريصة على تقديم إنتاج بشكل يبرز أهمية هذا المكان تاريخياً، وقد تم بناء مدينة وسوق القيصرية وما حولها، بتكاليف عالية"، آملاً أن "يكون عملنا عند حسن ظن الجمهور". ويشدّد على أهمية أن "نكون صادقين في نقل الصورة"، ومراهناً في الوقت نفسه على نص الكاتب والفنان الكبير حسن العبدي، وهو أحد مؤسسي الحركة الدرامية وابن المنطقة، ونعتبره مرجعية عالية، نعتمد عليها لتقديم مشاهد واقعية ونقل الصورة التي كانت سائدة في هذا المكان خلال الستينيات، ولتقديم نص ثري بالمصطلحات والأفكار".
ويشدّد النمر على "أننا حرصنا على الواقعية والصدق، لكننا نقدم عملاً دراميّاً في النهاية وليس فيلماً وثائقياً، بمعنى أن التوثيق ليس مقدماً عن الدراما والأحداث". ويلفت إلى أن "العمل يضم وجوهاً جديدة منهم الشباب واليافعين وأتوقع أن يشكلوا مفاجأة مهمة، ويكون العمل الذي يحتضن هؤلاء، ولاّداً لنجوم المستقبل".
ويتوقف النمر عند شخصية أبو عيسى، فيقول: "الرجل هو من حكايا البشت، حتى الشر الذي فيه مختلف، ويمثل الثقل السلبي في العمل، في إطار الشر الحساوي، الذي له مبرراته ويكيف الأشياء إلى لغته الخاصة، شخصية مركبة وجميلة استفزتني لتقديمها". ويضيف: "أنني وإبراهيم الحساوي، نشكل التوازن بين طبائع شخصيتين مختلفتين تماماً"، مؤكداً أن "كل شخصية لها خطها الدرامي الخاص في العمل".
إبراهيم الحساوي
يعرف إبراهيم الحساوي المعازيب بأنهم كبار التجّار ورؤساء المهنة، لافتاً إلى "أننا اعتمدنا نظام الورشة في كتابة العمل بإشراف حسن العبدي، وساهمتُ وصديقي الممثل عبد المحسن فيها، ليأتي العمل بالصورة التي نتمناها". ويوضح أن "صناعة البشت بدأت في الإحساء، وسُجّل في هيئة اليونيسكو كمهنة تحاك يدوياً، وهي أفضل أنواع البشوت"، شارحاً أن "القصة تتحدث عن المعازيب والعاملين فيها، وقد دخلنا كواليس هذه المهنة، لمعرفة الصعوبات التي تواجه العاملين فيها، وعلى المرحلة التي كانت مزدهرة فيها وهي منتصف الستينيات والسبعينيات، وبدأت بالانحسار مع نشأة المصانع تدريجياً".
يردف بالقول إن "الآباء كانوا يرسلون أبناءهم لتعلم المهنة على قساوتها، وإذا نجح فيها يصبح معزباً لاحقاً. هكذا، نتعرف إلى جيل الشباب واليافعين مع بداية الحلقات، والوجوه الواعدة ومعظمهم من أبناء الإحساء، لأن العمل يحمل هوية المنطقة، ونعتمد في حواراتنا اللهجة الحساوية القديمة التي أنتمي والنمر إليها". ويؤكد "أننا بنينا مدينة لتصوير فترة الستينيات، إذ تغيرت ملامح المنطقة مع مرور الزمن، لذا أنشأنا سوق القيصرية وهو من الأسواق الشعبية العريقة في ذلك الزمن، وبيوتاً وأسواقاً ومحلات ومقهى شعبي، وكل ما يرتبط بمرحلة الستينيات بكلفة إنتاجية عالية، حرصت عليها MBC، التي وفرت كل الإمكانات اللازمة".
ويتوقف الحساوي عند الشخصية التي يقدّمها في العمل، فيقول: "جاسم هو حائك يعمل في صناعة البشوت، من أصحاب الدخل المحدود، متزوج ولديه ولداً يرسله لأحد المعازيب ليتعلم ويتدرّب، وهو متعلق بزوجته بدرية، وتحدث لاحقاً تحولات في قصة الرجل مع زوجته ما يؤدي به إلى الاكتئاب، وعزل نفسه عن الناس"، مشيراً إلى أن "علاقته بأبو عيسى علاقة مصلحة، فهو معزب ابنه، ولقساوته معه ولأسباب أخرى نكتشفها خلال الأحداث، يحصل توتر بينهما، فضلاً عن حبكات درامية أخرى". ويضيف أن "الأحداث تدور في مرحلة ازدهار صناعة البشت، ثم تحصل طفرة عقارية ونفطية، تخسر على إثرها هذه المهنة قسماً كبيراً من العاملين فيها".
فيصل الدوخي
يوضح فيصل الدوخي أن "المسلسل يتفرد باللهجة الحساوية التي غابت عن الدراما أكثر من 15 سنة، والناس متعطشين لهذه الأعمال النابعة من البيئة التراثية، وذلك ضمن إنتاج سخي وقصة مشوّقة إلى جانب ممثلين كبار معظمهم من هذه المدينة، وهو ما شجعني للمشاركة فيه". ويستغل الدوخي المناسبة ليكشف أن "أصولي حساوية، وقد شعرت أن هذا العمل فيه نوع من التقدير لمدينتي التي أعتز بها وأفتخر". ويضيف قائلاً: "أخذنا وقتاً طويلاً للانتهاء من التصوير وقد تم إنشاء قرية بكل تفاصيلها لكي يظهر العمل على أفضل صورة، ويليق بالمشاهدين".
ويشرح عن رويشد، "الشخص المسؤول عن أسرته المؤلفة من أخته وأبنائها، الذي حاول يعمل في أكثر من مهنة في البداية، ولم يفلح ليجد نفسه لاحقاً يعمل كصبي للتجار والمعزبين في مجال صناعة البشوت، وقد كان رب أسرة لكنه يشعر بالعجز عن المحافظة عليها مترابطة ومتماسكة، ونراه شخصاً تابعاً دوماً لأحد ما وغير قادر على فرض موقف". ويضيف:" مع تقدم الحلقات ثمة أشياء ستتغير في شخصيته، قد تكون للأسوأ أو للأفضل، وسنعرف ذلك في سياق الأحداث". ويختم بالتحدث عن الدائرة التي تربط شخصية رويشد بغيرها من الشخصيات، فيقول "تربطه علاقة جيرة مع جاسم وبدرية، بينما أبو عيسى هو المعزب الذي يعمل بإمرته، كما نتعرف على علاقته بأسرته وأصدقائه".
ريم ارحمة
تتحدث ريم ارحمة عن مدى قرب مسلسل "خيوط المعازيب" إلى قلبها، شارحة أن "العمل اجتماعي يتناول حقبة الخمسينيات، بداية بالتعليم، ومرحلة انتقال الناس من القرى إلى المدينة، وهو يحمل أفكاراً جميلة وشيقة، وأنا كمشاهدة مشتاقة لمثل هذه الأعمال". وتلفت إلى أن "العمل يتناول صناعة البشوت تاريخياً، وكيف كان الأهالي يرسلون أبناءهم للتدرب على هذه الحرفة، تحت يد المعزب في الإحساء بدل التحقاهم بالمدارس، لينشأ الأولاد ويجدون مستقبلهم في الحياكة، حينما تكون العائلة بحاجة إلى عقد احتكار يدر عليها بعض الأموال".
وتردف ارحمة بالتحدث عن التخوّف من فكرة تقديم عمل حساوي تراثي، "كيف نجد المكان المناسب، كي لا يكون العمل ضعيفاً وهزيلاً، فإذا بمجموعة MBC والجهات المنفذة للعمل تفاجئنا ببناء قرية كاملة، فيها سوق القيصرية، وبالتالي تم بناء قرية متكاملة وليس استديو". وتضيف أن "بدرية هي أم صغيرة، هي طفلة أنجبت طفل، إذ كانوا في ذلك الزمن يزوجون أولادهم صغاراً، وكان بين البحرين والسعودية وبطبيعة الحال الاحساء تربطهما الكثير من الزيجات. وقد تزوجت رجلاً يكبرها بالسن، فوجدت نفسها لوحدها معه في الإحساء، فصار بالنسبة لها الزوج والأب والسند والأخ، لكن قسوة الحياة وعجز الزوج عن العمل، فرضت عليهما إرسال الابن إلى المعزب، ومن هنا تتطور الأحداث".