TRENDING
جميل راتب..المبدع المصري من باريس إلى القاهرة

أكد الفنان الراحل جميل راتب في معظم تصريحاته الإعلامية على موقفه ضد الرقابة على المصنفات الفنية التي تقيّد الإبداعة، في مواقف كانت تنسجم مع إيمانه برسالة الفن وحرية التعبير. فرغم تأييده للتصنيف العمري للأفلام والمسلسلات، التي قد تفوق بعمق رسالتها قدرة الأطفال على الاستيعاب، شدد دومًا على ضرورة إفساح المجال لكل الأفكار والقضايا التي تناقش الجدليات دون التقيّد في التابوهات.
وتبدو هذه المواقف منسجمة مع طبيعته الثائرة التي دفعته للتحرر من قيود عائلته التي حاربت توجهه للفن باعتباره "عيبًا في بيئته" آنذاك.
لقد كانت بدايته الفنية صعبة، كما أن انطلاقته جاءت بطريقةٍ عكسية. حيث سار بخطواته الأولى نحو الشهرة من خلال مشاركته في الأعمال المسرحية في باريس، قبل أن يعود فنانًا إلى القاهرة، على عكس الفنانين من أبناء جيله الذين لمعوا في مصر قبل انطلاقهم بأعمالٍ عربية ودولية.


ولم تكن بدايته الفنية سهلة أبدا. فقد أرسلته أسرته إلى باريس للتخصص في القانون وعلوم السياسة. وعند علمها بمشاركته بأعمال فنية في فرنسا، قطعت عنه المصاريف المادية. ما اضطره للعمل بجانب دراسته في المعهد. حيث عمل "كومبارس"، ومترجمًا، ونادلاً في المقاهي، و"شيّالاً في سوق الخضار" حتى تمكن من الصمود والمضي قدمًا لتحقيق طموحاته.




شارك "راتب" بمسرحيات عالمية في العاصمة الفرنسية، منها 5 أعمال لـ"شكسبير"، ولكل من "راسين"، و"كورناي"، و"موليير"، وأيضًا مع فرقة "كوميدي فرانسيس" الشهيرة في بعض العروض.
ولقد ساعدته ثقافته الواسعة وتعددية لغاته بالحصول على فرص فنية مهمة. حيث شارك ببعض الأفلام العالمية، مثل "لورانس العرب" عام 1962 الذي جمعه بالفنان عمر الشريف. كما شارك بالأداء الصوتي لفيلم "عمر المختار" من بطولة أنطوني كوين.



وقال في أحد تصريحاته إن بدايته الحقيقة في مصر تحققت بفضل فيلم "الصعود إلى الهاوية" الذي شارك فيه أمام مديحة كامل عام 1974، وبأدواره التلفزيونية المتميزة، ومنها "مفيد أبوالغار" في "الراية البيضاء" و"جدو أبوالفضل" في مسلسل "يوميات ونيس".
وعن بدايته المسرحية في فرنسا، قال ذات مرة: "أول مرة لما شفت اسمي على أفيش في فرنسا كان يوم كبير بالنسبة لي".

تمتع "راتب" بسمعةٍ طيبة في الفن العالمي، الأمر الذي دفع صنّاع الأفلام في تونس والمغرب والجزائر ليطلبوا منه العمل في بعض الأفلام خلال تسعينيات القرن الماضي، وكان بينها الأعمال الشهيرة "كش ملك"، و"شيشخان"، و"ليلة القدر"، كما تم تكريمه من "معهد العالم العربي" في باريس.


عُرِفَ الراحل بإطلالته الجذابة، وأناقته وتفاؤله طيلة مسيرته الفنية، وظل محافظًا على هندامه وسمعته الحسنة وحضوره المحبب حتى سنواته الأخيرة التي أمضاها على كرسيّ متحرّك. فقد أقعده المرض، وخسر صوته، لكن ابتساماته ظلت تُرحب بزواره إلى يوم رحيله عن 92 عامًا في 19 أيلول (سبتمبر) 2018.

ولقد ترك الراحل بصمةً فنية جعلت من ذكرى ميلاده محطة أحياها النجوم ومحبي الراحل بتدوينات وصور وصلت الى الصدارة في قائمة محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي.

يقرأون الآن