TRENDING
رولا حمادة في

رولا حمادة في مسلسل "كريستال" بشخصية رحاب دور قد يبدو هامشياً، لكنه كالدّرج الذي نحفظ فيه أشياءنا الثمينة. هذا الهامش احتوى كل الأفكار المهمة.

لا شيء سطحي عندها، هي تتوالد من الداخل. النص معجون في خلاياها. تحكي بنظرتها. تشن معركة بخطواتها. لفتتها فيها دوائر المكر. صمتها بليغ كنص ملتهب بالكلام.

حوراها المقتضب خطوط الليزر في العمل لا يمكن تجاهله، إن لمسته قتلك وإن اقتربت منه استشعرت بالخطر. هي من تقوم بكل المقالب ومن تغيّر مسار العمل.

شخصية باطنية تلبس وجهاً بلا تعابير. ملامح مسطحة خلفه تكمن أسرار ستقوّض كل الشخصيات وتغيّر حياة الأخرين.


البداية المخادعة

بداية العمل ظهرت رولا حمادة في "كريستال" كشخصية مرقة لا حول ولا قوة لها. تساءلنا ماذا وراء كل هذا اللؤم والخوف؟ وماذا وراء هذا الصمت؟ تعمل كردار تتابع كل شيء وتعرف كل شيء.نفرنا من أدائها ظناً منا أنها شخصية طفولية، فهي لا تبكي ولا تضحك ولا تنفعل. كل شيء مكبوت فيها. وعندما تكون في غرفتها تنفجر بمشاعرها القوية، نتابعها ونريد كشف سرها.

لا يمكن لأي شخصية أخرى أن تجسد هذا الدور البارد من الخارج المشتعل من الداخل مثل رولا حمادة. فهي التي حملت رحاب بوجعها وأسرارها وأمسكت بنا بأدائها المستفز، كلما خطت خطوةً أو فتحت باباً أو تلصصت على حديث.

صوتها المتهدج أمام عليا، خوفها الذي لا مبرر له، قوتها و"سلبطتها " على كل من يقترب من عليا لم نفهمه أو فهمنا ما هو مقدر لنا. قادرة رحاب أن تكسر الدنيا وتخرج من ذاتها ألف شرير وقادرة على الحضن والانهيار. كل هذا التناقض تقدمه حمادة وهي تشرئب بعنقها دون أن تنبس بكلمة.


رولا حمادة وباميلا الكيك في "كريستال"

المطيعة الساخطة

شخصية مدروسة بأدق أدق شعيراتها. المشية المنحرفة، الأكتاف المائلة، الوجه البوكر، الثياب المتقشفة، قميص أبيض واحد يرافقنا أو يرافقها على أكثر من خمسين حلقة وهي في تقشفها تخلق عوالم وتسطر معضلة أدائها. شخصية بلا حوار كلامها قليل تتلقى الأوامر وهي المطيعة والساخطة في آن.

ألم تتعب رولا حمادة من هذه الشخصية التي بلا وجه؟ ومن أين استعارت حمادة وجهها؟ فهذه العيون ليست لها. وهذا الاحمرار المتدفق على صفحة الصدر كلما انفعلت، وذاك الاصفرار في الملامح عندما يدق الخطر بعليا. أشهر مرت ونحن نتابع ولم نر ابتسامة ولم تفرج رولا حمادة عن أسنانها الجميلة. بالتأكيد حمادة اشتاقت إلى نفسها. لكن رحاب لبستها وخطفتها.

خادمة الشاشة سيّدة الفن

رحاب خادمة لكن ليست أية خادمة! طالما رولا حمادة تؤدي دورها. ستحولها إلى سيدة في الفن، إلى شعلة إبهار. إلى شخصية تقول لك ها أنا ذا هنا. تجمّلها وتسطرها دوراً ينقلها من الضآلة إلى العظمة.

لا يوجد في الفن دور كبير وآخر صغير. يوجد فنان عظيم يستطيع أن يحوّل كل شيءٍ ضامر إلى ثمين. ورولا حمادة حيث تحط خطاها ترفع ذروة. الحذاء المسطح يصنع تغييراً إذا ما انتعلته رجل تتقن المشي وهذه هي رحاب في كريستال.

هذه هي رولا حمادة منذ زمن قادرة أن تكون الغرسة الخضراء الواقفة في حقل اليباس، يوم كانت الدراما اللبنانية في أتعس احوالها. رولا حمادة التي شقت طرق الصمود والتألق في عز التقهقر وأنجبت لنا نهلة راشد، هي البطلة دوماً والوجه الذي حفر في الذهن كل أدواره من القوة والجمال والضعف وعلقنا بها. تطل اليوم بدور رحاب كعادتها قديرة وجميلة.

يقرأون الآن