كان انتصار مصر وسوريا في حرب أكتوبر عام 1973 ملهمًا للعديد من صنّاع الأغنية والفنانين الذين تزاحموا على إطلاق أغنيات وأناشيد تمجّد هذا الحدث التاريخي، الحاضر في وجدان المصريين والسوريين والعرب بشكلٍ عام.
في الذكرى الـ51 لهذا الإنتصار التي تأتي بوقع مؤثر في ظل الحرب المستمرة على لبنان وغزة، إليكم لمحة عامة عن أبرز الأغنيات التي واكبت هذا الإنتصار آنذاك بصوت كبار النجوم.
عبد الحليم حافظ الذي سبق له أن حمل لقب "مطرب الثورة" في تموز (يوليو) عام 1952، وقدّم أغنيات حزينة وأخرى تؤجج للإنتقام والانتفاضة والصمود إبان نكسة 1967، واكب انتصارات تشرين الأول (أكتوبر) عام 1973 بنقلةٍ نوعية مع الملحن بليغ حمدي، بدأت بأغنية "عاش اللي قال للرجال عدوا القنال، الفجر لاح" للشاعر مرسي جميل عزيز، "قومي يا مصر" لعبد الرحيم منصور والذي قدم معه وبليغ أيضا أغنية "مصر يا للي على طول السنين". فيما قدم مع الشاعر عبد الرحمن الأبنودي والملحن كمال الطويل أغنية "صباح الخير يا سينا".
وكانت أغنية "بسم الله" من أوائل الأغاني التي تم تقديمها عن حرب أكتوبر 1973، وبطلها هو الملحن والموسيقار الكبير بليغ حمدي، الذي تفاعل وقتها بشكل كبير مع الحرب، وقرر تقديم أغنية عن الانتصار العظيم.
وقرر بليغ وكل من تعاونوا في ذلك العمل الوطني عدم تقاضي أي مبالغ مالية لأن البلد كانت في حالة حرب، وبدأ تلحين الأغنية من كلمات عبد الرحيم منصور على سلالم ماسبيرو، وانتهى منها عند مغرب يوم السادس من أكتوبر. ولظروف حظر التجوال آنذاك، لم يحضر الكورال. فجمع "حمدي" جميع العاملين بمبنى الإذاعة والعمال وحفظهم اللحن، وعند منتصف الليل كان بليغ قد سجل الأغنية، وبدأ إذاعتها صباح يوم 7 أكتوبر.
وكان لأغنية المطربة الجزائرية وردة "بلادي السمرا-الربابة" وقعها الخاص في فجر يوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) من كلمات الشاعر عبد الرحيم منصور ولحن بليغ حمدي. وحين قررت وردة أن تتحمل جميع أجور الموسيقيين والكورال، فوجئَت بأنهم تبرعوا بأجرهم بالكامل لهذا العمل.
وتعد هذه الأغنية الثانية التي قدمها بليغ حمدي بالتعاون مع الشاعر عبد الرحيم منصور، والمطربة وردة الجزائرية يوم 6 أكتوبر أثناء نزوله إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون وتم إذاعتها بعد الحرب مباشرةً.
أغنية "رايات النصر" تُعتبَر من أشهر الأغاني عن حرب أكتوبر وانتصار الجيش المصري. فقد كتبت كلماتها الشاعرة نبيلة قنديل ولحنها زوجها على إسماعيل. لكن هذه الأغنية كانت جاهزة قبل عام من حرب أكتوبر لتُعرَض في فيلم "العصفور" للمخرج يوسف شاهين. لكن المخرج الشهير قدمها للإذاعة بعد انتصار أكتوبر، قائلًا: "نصر أكتوبر عندي أهم من الفيلم". ويقول مطلعها "رايحين شايلين في إيدنا سلاح، راجعين رافعين رايات النصر".
ووثقت أغنية "سمينا وعدينا" لحظات عبور الجنود المصريين قناة السويس، بصوت المطربة شهرزاد. وهي من كلمات الشاعرة عليه الجعّار، ومن ألحان عبد العظيم محمد، وهي الأغنية الوحيدة التي تشير لحدوث النصر في شهر رمضان. ويقول مطلعها:"سمينا وعدينا وايد المولى ساعدتنا.. جمعنا كل قوتنا ومساندتنا عروبتنا.. وسمّينا وعدّينا وايد المولى ساعدتنا.. سمّينا وعدّينا شقينا طريق النصر".
وكان انتصار أكتوبر قد أثر بالمطربة ليلى مراد خلال فترة اعتزالها الغناء. فاتخذت قرارها بالعودة بعد 12 سنة من الغياب، وقدمت أغنية "الله عليك يا بن البلد" مع شقيقها الملحن منير.
بدورها المطربة شريفة فاضل تحدت وجعها الكبير على استشهاد نجلها الأكبر السيد بدير خلال الحرب، فوقفت بملابس الحداد أمام مبنى الإذاعة بصحبة الشاعرة نبيلة قنديل التي جهزت لها أغنية "أم البطل" لتعبّر عن مشاعر وآلام الأمهات المصريات والعربيات اللواتي فقدن أبناءهن في الحرب.
وشارك عدد كبير من النجوم بأغنيات النصر، فقدمت سعاد حسني "دولا مين ودولا مين"، فيما غنت نجاح سلام "مصر يا غالية"، ونجاة "على البر التاني"، ومحمد رشدي "يا أول خطوة فوق أرضك يا سينا"، ومحمد نوح "شدي حيلك يا بلد"، وعفاف راضي "الباقي هو الشعب"، وفايزة أحمد "يا صباح النصر يا مصر".
كما قدمت شادية أغنيتي "يا حبيبتي يا مصر"، و"عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة".
في سوريا
في سوريا، بثّت إذاعة دمشق أغنية "خبطة قدمكن مسموعة" للسيدة فيروز، ويقال إنها كانت إشارة بدء الضربة الجوية لهذه المعركة.
وكانت أغنية "سورية يا حبيبتي" أبرز الأعمال التي كُتِبَت ولُحنَت وأُنشدت بعد حرب أكتوبر بصوت المطربة اللبنانية نجاح سلام، وظلت تصدح على مسمع السوريين في كل صباح لعقود خلت. كتب كلمات هذه الأغنية محمد سلمان، ولحنها وغناها مع الفنانة نجاح سلام والفنان محمد جمال.
وكان هناك أغانٍ أخرى كُتبت ولُحّنت وأُنشدت على عجل بعيد هذه الحرب، أبرزها بصوت المطربة اللبنانية سميرة توفيق، من بينها أغنية "علوا بالعالي" التي لا تزال "الإخبارية السورية" وبعض القنوات تعرضها في كل المناسبات الوطنية.