TRENDING
نجاح سلام رحلت... الوطن والحب والوفاء سيفتقدون صوتها

الفنانة القديرة الراحلة نجاح سلام

نجاح سلام رحلت وبقي الغزيّل العاشق لوحده دون لقاء الحبيبة. فالشاب الأسمر لم يعد له من يغنّيه ويجنّنه. والغنّام لن يعرف أين مبيته بعد اليوم.

صاحبة الصوت الرخيم وإحدى عمالقة الفن. سيدة التواضع وجمال الروح أخذت آخر خمير لها وغادرت تاركة إرثاً لا يدثره زمن.

الراحلة نجاح سلام في شبابها

الفن أصيل في نشأتها

لم تأتِ إلى الفن بمظلة ولا بدعوة أو دعم. بل شربت الفن شرباً وكان حاضراً في روحها كوشم مميز. هي ابنة الموسيقار وعازف العود محي الدين سلام. نشأت في بيت معمّر على الفن واللحن والثقافة. شقيقها الصحافي والأديب عبد الرحمن سلام.

عُرفت بصوتها المميز ذات النشيج والرقة، القادر أن يلامس عمق الأعماق. عاصرت الكبار ولاقتهم في زمن الفن الأصيل من أم كلثوم إلى محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وأسمهان وكل كبار تلك الحقبة، هي من تلك الجبلة التي تؤسس لتاريخ يعمّر أبنية الفن المتين الذي يعيش إلى الأبد.

نجاح سلام ستبقى في أسماعنا تردّد الأجيال القادمة أغانيها التي لم تعرف الذبول "برهوم حاكيني" و"حوّل يا غنام"، و"الشاب الأسمر جنّني"، و"جارحة قلبي".


صاحبة أرشيف غنائي وأناشيد دينية

سيفتقد الناس محبوبتهم صاحبة الحسّ الراقي التي لم تعرف التكبّر والغرور، سيفتقد الفن قامتها التي لم تتغيّر يوماً وسيبقى صدى صوتها في الآذان يصدح بذاك الأرشيف الذي يحوي عشرات الأغاني والأناشيد الدينية.

عرفت نجاح سلام زهوها في مصر وهناك تربّعت في الفن كواحدة من أبناء مصر فغنّت للنيل وأهل مصر وشاطرتهم فنها فقُدّرت وأبدعت، فتحوا أمامها الأبواب فدخلتها وكانت تستحق مكانة الثقة. أعطت السينما أكثر من عشرة أفلام قدّمتها مع كبار المخرجين في مصر.

بوستر فيلم "ابن ذوات" الذي جمعها بـ اسماعيل يس

غنّت للوطن العربي كله

نجاح سلام التي وُلدت عام 1931 وقبل أن تكمل العشرين من عمرها كانت قد زارت معظم العواصم العربية وغنّت فيها، وكانت قد سجّلت العديد من أغانيها التي بدأت تضرب ويردّدها الوطن العربي.

مع نجوم الزمن الجميل

مصر أنصفتها وعانقتها

وفي العام 1956 كان العدوان الثلاثي على القاهرة، فغنّت أغانيها الوطنية مثل «يا أغلى اسم في الوجود» ثم قصيدة «أنا النيل مقبرة للغزاة» للشاعر محمود حسن إسماعيل. وفي فيلم «السعد وعد» اختلف المخرج مع البطل شكري سرحان فرشّح والد السيدة نجاح سلام المطرب اللبناني محمد سلمان للقيام بدور البطولة أمام ابنته، فتشاء الأقدار أن يكون هذا الفيلم سبباً في زواجهما التي نتج عنه ابنتان جميلتان هما سمر وريم. ثم غنّت في الجزائر وتونس وذهبت إلى كان لعرض أفلامها.


نجاح سلام ليست فقط قيمة فنية بل أيضاً قيمة وطنية فهي سخّرت فنّها لقضايا الوطن العربي وغنّت لمعظم الأوطان وأهدتهم فنّها وصوتها. من الأردن إلى العراق إلى فلسطين إلى مصر إلى الكويت ولبنان كان دوماً حاضراً عندها لم يفارقها، وأُجربت على الفراق أبان الحرب الأهلية وغادرت نحو أم الدنيا مصر في عام 1974.

الراحلة نجاح سلام في الصحف

مصر أعطتها وكرّمتها بمنحها الجنسية المصرية وأُطلق عليها لقب «عاشقة مصر» لما قدّمته من أغنيات وطنية صادقة من عهد الرئيس جمال عبد الناصر إلى يومنا هذا. وعندما استلم الرئيس اللبناني الياس الهراوي رئاسة الجمهورية اللبنانية، قام بزيارة القاهرة، وكانت الفنانة الكبيرة السيدة نجاح سلام أول المستقبلين له في مبنى السفارة اللبنانية في القاهرة، فبادرها بالقول "أنتِ ثروة وطنية وفنانة عظيمة لا يجوز أن تظل خارج بلادها".

الراحلة نجاح سلام مع الأوسمة والجوائز التي نالتها خلال مسيرتها

لبنان كرّمها

عادت نجاح سلام إلى لبنان وقدّمت أعمالاً وطنية كبيرة مثل «لبنان درة الشرق» كلمات الشاعر صالح الدسوقي وألحان الفنان أمجد العطافي، وقد كرّمها الرئيس الهراوي في قصر الرئاسة ومنحها وسام الإستحقاق برتبة فارس.

تكريم المعهد الوطني العالي للموسيقى "الكونسرفتوار" لها

ستفتقد بيروت ابنتها وسيفتقد الفن قامة أصيلة من الصعب أن تستعاد.


يقرأون الآن