TRENDING
سينما

"نبيل الجميل" فيلم محمد هنيدي الذي يحتاج إلى تجميل جذري

بوستر فيلم "نبيل الجميل أخصائي تجميل"

فيلم "نبيل الجميل" للممثل المصري محمد هنيدي يُعرض حالياً على منصة "نتفليكس"، فيلم يحكي عن طبيب تجميل متفوّق في عمله يعيش الكثير من التحديات والمشاكل ويعالج بطريقة كوميدية.

يخلط الفيلم بين واقع التجميل الذي تسعى له كل امرأة، وبين التشوّهات والمبالغة التي تحدث نتيجة هذه العمليات، وبين الثراء والفقر، والطيبة والخساسة. قصة طبيب التجميل التي يؤديها محمد هنيدي ويعاني الكثير من المكائد في عمله ويعالجها بالكثير من المبالغة والتسطيح والأسلوب "الهايف" الذي من المفترض أن يكون كوميدياً ومرحاً.

متابعة الفيلم تبدو صعبة فبين الانجذاب إلى قصة جدية فيها حبكة وإثارة وبين السخرية الساذجة وتبسيط الأداء ليصبح هزلياً. تضيع النكهة الذكية وتصبح المتابعة عبئاً. فلا الحكاية مشدودة الأواصر ولا الكوميديا ذات مغزى محرّك للمرح. القصة تبدو هزيلة والأداء على خفّته يبدو ثقيل الوقع.

ما أن يلتقط المشاهد طرف الدهشة ليمسك بخيط الإنشداد حتى يفلت منه وتتفكّك عناصر التشويق. كان من الأفضل أن تُترك القصة تمشي على سليقتها دون تلك المبالغات التي تسقط العقدة والفكرة في بؤرة التضخيم مما يحولها إلى فكرة عائمة لا معنى لها. كان يكفي لو تمت معالجة عمليات التجميل بكل ما تحمله من أفكار وهوس ومبالغة كافية أن تكون عنصر تشويق أكثر من هذه المعالجة المفكّكة الحوار المضخمة الأداء.


كان من الممكن أن يكون لمثل هذه الأفلام وقع أكبر في غير هذا الزمن الذي نحن فيه. بحيث باتت الميديا تصدّر العديد من (الأفشات) الضاحكة والفيديوهات الساخرة وبكميات كبيرة. فالمشاهد بات ممتلئاً من هذه النوعية الساخرة والتي تبدو أهم احياناً وأفضل من فيلم لا يقدر أن يقدم مادة دسمة ضاحكة وكوميدية بالمعنى الحقيقي.

الخفة والهزلية لم تعد تصنع ضحكة في يومنا هذا. حيث المشاكل كثيرة والأعباء أكثر والنفوس حبلى بكل أنواع الهموم. فعندما يأتي الضحك مقولباً يجب أن يكون ذكياً بشكل مبالغ. ويجب أن يطرق على الوتر الحساس بشكل دقيق. ويجب النص أن يكون لامعاً وحاداً ويطرق بأنامل خفيفة وسحرية على وتر الوجع أو النقد. هذا النقر الخفيف المتقن والذكي قادر أن يصنع نغماً مخالفاً ويكون كالبحصة التي ترمى في البركة الراكدة فيحرك ركودها التموجات الفاتنة.

البناء التشويقي للفيلم استند على أحداث تقع بالصدفة من الافريقي الذي عالجه الطبيب ثم عودته لإعطائه المال وتتغير حياة الطبيب الفقير.

المصادفة في إدخال شخصية محورية مثل سامبو البلطجي ولا نعرف لماذا هذا الحضور الكبير دون أن يكون لها مغزى. المصادفة في دخول اللبنانية مادلين طبر وإخضاعها لعملية تجميل فاشلة. وزينب شقيقة الطبيب التي تخضع لتشوهات في الوجه.

كل شخصية في الفيلم نجدها دخيلة وتغرّد على هواها دونما خيط رفيع يربط فيما بينها سوى أن هناك طبيب وعنده حكايات متناثرة تجتمع معاً دون رابط . ولم تكن شخصية محمد هنيدي كافية أن تصنع مشهداً فكاهياً بالمعنى الكامل والجليل. بل أتى كل شيء مهمشا ومهشماً.

الخيط الثابت والوحيد هو حب الدكتورة عليا "نور اللبنانية " للطبيب والتي تفعل المستحيل حتى تدعمه وتحافظ على قربه. وهي الشخصية الوحيدة التي يمكن أن نعول عليها بالاتزان والتي تشد المشاهد حتى يتتبع أثرها. وهي الشخصية الوحيدة الجدية في الفيلم والبعيدة عن حركات الإضحاك الفاشلة التي مارسها معظم الفريق التمثيلي. كان من الأجدى أن يذهب الفيلم في طريق الدراما بدل الكوميديا الفاشلة التي سفهت العمل ولم تثير عصباً مرحاً.

الكوميديا عندما تفشل في إيصال روحها تصبح ثقيلة جداً وسمجة وهزيلة ويكون فشلها صارخاً أكثر من الدراما او التراجيديا التي قد يعوضها فكرة ما أو نص ما أو أداء جاد لممثل ما. أما أن تكون الطبخة كلها ذات مقومات بليدة وساذجة ستصبح بلا طعم ولا لون ولا رائحة.

واذا كان المقصود من هذا الفيلم معالجة الكوميديا السوداء، فهو بعيد كل البعد عن السواد. وبقي رمادياً لا البياض فيه واضح ولا السواد موجود. ربما حان الوقت أن يعيد هنيدي صياغة حضوره بشكل جديد وجذري حتى يستعيد رونقه.

يقرأون الآن