تنطلق مساء اليوم الدورة الـ45 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بعد تأجيل دورته العام الماضي بسبب أحداث غزة تضامنًا مع الشعب الفلسطيني.
ولقد كشف رئيس المهرجان الفنان حسين فهمي، عن الصعوبات والتحديات التي قابلت إدارة المهرجان بعد إلغاء الدورة الماضية، بسبب الظروف والمعاناة التي مر بها الشعب الفلسطيني. مشيرا إلى أنه لم يستطع تقديم الدورة في وقت آخر لأن المهرجان الدولي لابد أن يقام في مواعيد محددة.
وعدّد فهمي المشاكل التي اضطر المهرجات لمواجهتها وحلّها من إلغاء حجوزات الفنادق والاعتذار من لجان التحكيم في فترة زمنية وجيزة، إلى جانب التواصل مع الاتحاد الدولي لجمعيات منتجي الأفلام لشرح الموقف الحساس.
وقال: هذا العام كان علينا أن نبدأ من جديد، ونشكل لجان تحكيم جديدة، ونختار أفلامًا جديدة، نظرًا لأن بعض الأفلام التي اخترناها قد عُرضت في مهرجانات أخرى، كما تغيرت ظروف الكثير من أعضاء لجان التحكيم، لكننا عملنا بجد لاستعادة ثقة الجميع في المهرجان، ونجحنا في إقناع المهرجانات الدولية الأخرى بتفهم الموقف، ونسعى لإقامة دورة جيدة جدًا هذا العام.
وحول تحديات الميزانية والظروف المالية والاقتصادية قال "حسين": الظروف المالية الصعبة تحدٍ يواجه جميع المهرجانات في العالم. ولكننا وضعنا خطة استثنائية لأننا نعمل بنظام مزدوج يجمع بين القطاعين العام والخاص. حيث لدينا الرعاة والدعم الحكومي، ونجحنا هذا العام في استعادة ثقة الرعاة، ومن الجهة الأخرى فإن الدولة تدعم مبادراتنا وتوفر لنا التسهيلات والإمكانيات اللازمة، ووضعنا المالي جيد جدًا هذا العام.
وشدّد فهمي على أن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي هو أحد مهرجانات الفئة الأولى، وينبغي أن يحافظ على مستوى يليق بوضعه الدولي. وهذه هي النقطة الجوهرية التي ينبغي ألا نحيد عنها، والتي يجب أن يُجمع عليها فريق إدارة المهرجان.
وتابع عن الدورة الـ45: لدينا برنامج أفلام قوي ومهم جدًا، والدورة الحالية ستشهد تركيزًا كبيرًا على القضية الفلسطينية من خلال تسليط الضوء على السينما الفلسطينية، فنحن نؤمن بأهمية إبراز هذه القضايا من خلال الفن والسينما، حيث يعكس كل فيلم قصة ومعاناة شعب. كما سيكون هناك أيضًا اهتمام خاص بقضية الشعب اللبناني والسينما اللبنانية. ونحن نسعى إلى تقديم منصة للفنانين وصنّاع الأفلام من فلسطين ولبنان لعرض أعمالهم، وذلك ليس فقط للاحتفاء بالفن، ولكن أيضًا لإيصال رسائل قوية للعالم عن معاناة هذه الشعوب وتطلعاتها. فأبرز ملامح الدورة الحالية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي هي أنها تسعى لتعكس القيم الإنسانية التي نؤمن بها.
وأكد فهمي: لطالما كنت مهتمًا بدعم الشباب من صناع وطلاب السينما، فأنا نفسى كنت طالبًا في معهد السينما يومًا ما، وكنت أحضر المهرجان وأشاهد الأفلام، حينما كنت رئيسًا للمهرجان سابقًا، كنت أحرص على إرسال أفلام المهرجان لطلبة المعهد، حيث كانت تُعرض في قاعة سيد درويش، كما كنت دائمًا حريصًا على توفير تذاكر مخفضة لطلاب معهد السينما وطلاب الجامعات عمومًا، ونسعى دومًا لتقديم كل التسهيلات لمن يهتمون بصناعة السينما ويرغبون في مشاهدة أفلام من ثقافات مختلفة حول العالم، لأن هذا ما يهمني أن يكون المهرجان استعراضًا لثقافات متنوعة من جميع أنحاء العالم، ونافذة على أفلام مميزة تختلف عن تلك التي تُعرض في القاعات طوال العام، إنها فرصة ثقافية وفنية مكثفة أحرص على أن يستفيد منها الشباب عامةً وليس فقط طلاب وصناع السينما.
وتابع: هذا العام، نشهد أيضًا دعمًا أكبر لصناع الأفلام من خلال زيادة عدد مشاريع الأفلام المشاركة في برنامج ملتقى القاهرة للصناعة مقارنةً بالسنوات السابقة، كما نعيد إحياء سوق مهرجان القاهرة السينمائي التي توقفت منذ سنوات طويلة، حين كنت رئيسًا للمهرجان سابقًا، أسست هذه السوق لتكون منصة لاستعراض معدات سينمائية جديدة لم تكن متوفرة في مصر آنذاك، وقد حققت نجاحًا كبيرًا، حيث تم تمديد المعرض من ثلاثة إلى ستة أيام بسبب التفاعل الكبير من المنتجين الذين تعاقدوا على تلك المعدات، وأؤمن بأن المهرجان يجب أن يشمل فعاليات متنوعة تدعم صناعة السينما وصناع الأفلام، وأن عودة السوق السينمائية لمهرجان القاهرة خطوة مهمة تعيد للمهرجان حيويته وتواكب التطورات المستمرة في عالم المهرجانات.
أما عن ترميم التراث السينمائي في هذه الدورة، فهو "يُشكل خطوة بالغة الأهمية في دعم صناعة السينما وتعزيز الروابط بين الأجيال".
أضاف: "أنا متحمّس للغاية لمشروع ترميم كلاسيكيات السينما المصرية العظيمة، بالتعاون مع الشركة القابضة ومدينة الإنتاج الإعلامي. ولقد تمكنا هذا العام من ترميم عشرة أفلام، وهناك اثنا عشر فيلمًا أخرى قيد الترميم. كما سيتم تزويد جميع الأفلام المرممة بترجمة تتيح أيضًا للجمهور الأجنبي فرصة الاستمتاع بتراثنا السينمائي الغني، وكل هذه الجهود تعكس التزامنا الراسخ بدعم صناعة السينما المصرية والحفاظ على إرثها.
وفيما يخص أماكن عروض الأفلام، أجاب: كانت عروضنا مركزة حول محيط دار الأوبرا، حيث يُقام المهرجان، لكن اليوم تمكنا من التوسع إلى المدن السكنية الجديدة على أطراف القاهرة مثل مدينة أكتوبر والتجمع الخامس من خلال الشراكة مع سينما فوكس.
ورأى أن هذه الخطوة مهمة جدا وضرورية حتى يصل المهرجان إلى فئات أوسع من الجمهور، خاصة هؤلاء الذين لم تعد منطقة وسط القاهرة تمثل المركز الحيوي بالنسبة لهم مع توسع المدينة.